للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اصْطَلَحَا فَالصُّلْحُ مَا أَرَدْنَا، وَإِنِ اقْتَتَلا كُنَّا حُكَّامًا عَلَيْهِمْ غَدًا- وَكَانَ كَعْبٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَصْرَانِيًّا- فَقَالَ صَبْرَةُ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِيكَ شَيْءٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ، أَتَأْمُرَنِي أَنْ أَغِيبَ عَنْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَنْ أَخْذُلَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ إِنْ رَدُّوا عَلَيْهِمُ الصُّلْحَ، وَأَدَعَ الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ! لا وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَدًا، فَأَطْبَقَ أَهْلُ الْيَمَنِ عَلَى الْحُضُورِ.

كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الضريس البجلي، عن ابن يعمر، قَالَ: لما رجع الأحنف بن قيس من عِنْد على لقيه هلال ابن وكيع بن مالك بن عَمْرو، فَقَالَ: مَا رأيك؟ قَالَ: الاعتزال، فما رأيك؟

قَالَ: مكانفة أم الْمُؤْمِنِينَ، أفتدعنا وأنت سيدنا! قَالَ: إنما أكون سيدكم غدا إذا قتلت وبقيت، فَقَالَ هلال: هَذَا وأنت شيخنا! فَقَالَ: أنا الشيخ المعصي، وأنت الشاب المطاع فاتبعت بنو سعد الأحنف، فاعتزل بهم إِلَى وادي السباع، واتبعت بنو حنظلة هلالا، وتابعت بنو عَمْرو أبا الجرباء فقاتلوا.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عن أبي عُثْمَان، قال: لما اقبل الأحنف نادى: يا لأدُّ، اعتزلوا هَذَا الأمر، وولوا هَذَيْنِ الفريقين كيسه وعجزه، فقام المنجاب بن راشد فقال: يال الرباب! لا تعتزلوا، واشهدوا هَذَا الأمر، وتولوا كيسه، ففارقوا فلما قال:

يال تميم، اعتزلوا هَذَا الأمر وولوا هَذَيْنِ الفريقين كيسه وعجزه، قام أَبُو الجرباء- وَهُوَ من بني عثمان بن مالك بن عمرو بن تميم- فقال: يال عمرو، لا تعتزلوا هَذَا الأمر وتولوا كيسه فكان أَبُو الجرباء عَلَى بني عَمْرو بن تميم، والمنجاب بن راشد عَلَى بني ضبة، فلما قال: يال زيد مناة، اعتزلوا هَذَا الأمر، وولوا هَذَيْنِ الفريقين كيسه وعجزه قَالَ هلال بن وكيع:

لا تعتزلوا هذا الأمر، ونادى: يال حنظله تولوا كيسه، فكان هلال عَلَى حنظلة، وطاوعت سعد الأحنف، واعتزلوا إِلَى وادي السباع

<<  <  ج: ص:  >  >>