للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لِبَعْضِ أَهْلِهِ: ارْكَبْ فَانْظُرْ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ! فَرَكِبَ مَعَهُ، فَانْطَلَقَا وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا حَتَّى وَقَفَا فِي جَانِبِ الْخَيْلِ قَلِيلا، ثُمَّ رَجَعَا إِلَيْنَا، فَقَالَ الزُّبَيْرُ لِصَاحِبِهِ: مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: صَدَقَ الرَّجُلُ، قَالَ الزُّبَيْرُ: يَا جَدَعَ أَنْفَاهُ- أَوْ يَا قَطَعَ ظَهْرَاهُ؟ - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: قَالَ فُضَيْلٌ:

لا أَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَ- ثُمَّ أَخَذَهُ أَفْكَلٌ، فَجَعَلَ السِّلاحُ يَنْتَفِضُ، فَقَالَ جَوْنٌ: ثَكَلَتْنِي أُمِّي، هَذَا الَّذِي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ مَعَهُ، أَوْ أَعِيشَ مَعَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَخَذَ هَذَا مَا أَرَى إِلا لِشَيْءٍ قَدْ سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا تَشَاغَلَ النَّاسُ انْصَرَفَ فَجَلَسَ عَلَى دَابَّتِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ، فَانْصَرَفَ جَوْنٌ فَجَلَسَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَلَحِقَ بِالأَحْنَفِ، ثُمَّ جَاءَ فَارِسَانِ حَتَّى أَتَيَا الأَحْنَفَ وَأَصْحَابَهُ، فَنَزَلا، فَأَتَيَا فَأَكَبَّا عَلَيْهِ، فَنَاجَيَاهُ سَاعَةً، ثُمَّ انْصَرَفَا ثُمَّ جَاءَ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ إِلَى الأَحْنَفِ، فَقَالَ:

أَدْرَكْتُهُ فِي وَادِي السِّبَاعِ فَقَتَلْتُهُ، فَكَانَ يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ صَاحِبُ الزُّبَيْرِ الأَحْنَفَ.

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسن، قال: حدثنا بشير ابن عَاصِمٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدُّهْنِيِّ- حَيٌّ مِنْ أَحْمُسِ بَجِيلَةَ- قَالَ: أَخَذَ عَلِيٌّ مُصْحَفًا يَوْمَ الْجَمَلِ، فَطَافَ بِهِ فِي أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: مَنْ يَأْخُذْ هَذَا الْمُصْحَفَ، يَدْعُوهُمْ إِلَى مَا فِيهِ وَهُوَ مَقْتُولٌ؟

فَقَامَ إِلَيْهِ فَتًى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَيْهِ قِبَاءٌ أَبْيَضُ مَحْشُوٌّ، فَقَالَ: أَنَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَأْخُذْ هَذَا الْمُصْحَفَ يَدْعُوهُمْ إِلَى مَا فِيهِ وَهُوَ مَقْتُولٌ؟

فَقَالَ الْفَتَى: أَنَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَأْخُذْ هَذَا الْمُصْحَفَ يَدْعُوهُمْ إِلَى مَا فِيهِ وَهُوَ مَقْتُولٌ؟ فَقَالَ الْفَتَى: أَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَدَعَاهُمْ فَقَطَعُوا يَدَهُ الْيُمْنَى، فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، فَدَعَاهُمْ فَقَطَعُوا يَدَهُ الْيُسْرَى، فَأَخَذَهُ بِصَدْرِهِ وَالدِّمَاءُ تَسِيلُ عَلَى قِبَائِهِ، فَقُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: الآنَ حَلَّ قِتَالُهُمْ، فَقَالَتْ أُمُّ الْفَتَى بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا تَرْثِي:

لا هُمَّ إِنَّ مُسْلِمًا دَعَاهُمْ يَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ لا يَخْشَاهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>