رَأَتْهُ قَالَتْ: يَا عَلِيُّ، يَا قَاتِلَ الأَحِبَّةِ، يَا مُفَرِّقَ الْجَمْعِ، أَيْتَمَ اللَّهُ بَنِيكَ مِنْكَ كَمَا أَيْتَمْتَ وَلَدَ عَبْدِ اللَّهِ مِنْهُ! فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، وَقَعَدَ عِنْدَهَا، وَقَالَ لَهَا: جَبَهَتْنَا صَفِيَّةُ، أَمَا إِنِّي لَمْ أَرَهَا مُنْذُ كَانَتْ جَارِيَةً حَتَّى الْيَوْمَ، فَلَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ الْكَلامَ، فَكَفَّ بَغْلَتَهُ وَقَالَ: أَمَا لَهَمَمْتُ- وَأَشَارَ إِلَى الأَبْوَابِ مِنَ الدَّارِ- أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ وَأَقْتُلَ مَنْ فِيهِ، ثُمَّ هَذَا فَأَقْتُلَ مَنْ فِيهِ، ثُمَّ هَذَا فَأَقْتُلَ مَنْ فِيهِ- وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ الْجَرْحَى قَدْ لَجَئُوا إِلَى عَائِشَةَ، فَأُخْبِرَ عَلِيٌّ بِمَكَانِهِمْ عِنْدَهَا، فَتَغَافَلَ عَنْهُمْ- فَسَكَتَتْ [فَخَرَجَ عَلِيٌّ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَزْدِ: وَاللَّهِ لا تَفْلِتَنَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ فَغَضِبَ وَقَالَ: صَه! لا تَهْتِكَنَّ سِتْرًا، وَلا تَدْخُلَنَّ دَارًا، وَلا تُهَيِّجَنَّ امْرَأَةً بِأَذًى، وَإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ، وسفهن أمراءكم وصلحاءكم، فإنهن ضِعَافٌ، وَلَقَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ، وَإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُكَافِئَ الْمَرْأَةَ وَيَتَنَاوَلَهَا بِالضَّرْبِ فَيُعَيَّرَ بِهَا عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَلا يَبْلُغَنِّي عَنْ أَحَدٍ عَرَضَ لامْرَأَةٍ فَأُنَكِّلَ بِهِ شِرَارَ النَّاسِ] وَمَضَى عَلِيٌّ، فَلَحِقَ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَامَ رَجُلانِ مِمَّنْ لَقِيتَ عَلَى الْبَابِ، فَتَنَاوَلا مَنْ هُوَ أَمض لَكَ شَتِيمَةً مِنْ صَفِيَّةَ قَالَ: وَيْحَكَ! لَعَلَّهَا عَائِشَةُ قَالَ: نَعَمْ، قَامَ رَجُلانِ مِنْهُمْ عَلَى بَابِ الدار فقال أحدهما:
جزيت عنا أمنا عَقُوقًا.
وَقَالَ الآخَرُ:
يَا أُمَّنَا تُوبِي فَقَدْ خَطِيتِ.
فَبَعَثَ الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى الْبَابِ، فَأَقْبَلَ بِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ، فَأَحَالُوا عَلَى رَجُلَيْنِ، فَقَالَ: أَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: لأُنْهِكَنَّهُمَا عُقُوبَةً فَضَرَبَهُمَا مِائَةً مِائَةً، وَأَخْرَجَهُمَا مِنْ ثِيَابِهِمَا.
كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الحارث بن حصيره، عن ابى الكنود، قال: هما رجلان من أزد الْكُوفَة يقال لهما عجل وسعد ابنا عَبْد اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute