للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فو الله إن لم أشغلك بنفسك حَتَّى تكون نفسك أهم إليك، إنك لذو جد، والسلام فلما بلغ مُعَاوِيَة كتاب قيس أيس مِنْهُ، وثقل عَلَيْهِ مكانه.

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ المروزي، قَالَ: حدثني أبي قال: حدثني سُلَيْمَان، قال: حدثني عبد الله، عن يونس، عن الزُّهْرِيّ، قَالَ: كَانَتْ مصر من حين علي، عَلَيْهَا قيس بن سَعْدِ بْنِ عبادة، وَكَانَ صاحب رايه الانصار مع رسول الله ص، وَكَانَ من ذوي الرأي والبأس، وَكَانَ مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ وعمرو بن الْعَاصِ جاهدين عَلَى أن يخرجاه من مصر ليغلبا عَلَيْهَا، فكان قَدِ امتنع فِيهَا بالدهاء والمكايدة، فلم يقدرا عَلَيْهِ، وَلا عَلَى أن يفتتحا مصر، حَتَّى كاد مُعَاوِيَة قيس بن سَعْد من قبل علي، وَكَانَ مُعَاوِيَة يحدث رجالا من ذوي الرأي من قريش يقول: مَا ابتدعت مكايدة قط كَانَتْ أعجب عندي من مكايدة كدت بِهَا قيسا من قبل علي وَهُوَ بِالْعِرَاقِ حين امتنع مني قيس.

قلت لأهل الشام لا: تسبوا قيس بن سَعْدٍ، وَلا تدعوا إِلَى غزوه، فإنه لنا شيعة، يأتينا كيس نصيحته سرا أَلا ترون مَا يفعل بإخوانكم الَّذِينَ عنده من أهل خربتا يجري عَلَيْهِم أعطياتهم وأرزاقهم، ويؤمن سربهم، ويحسن إِلَى كل راكب قدم عَلَيْهِ مِنْكُمْ، لا يستنكرونه فِي شَيْءٍ! قَالَ مُعَاوِيَة: وهممت أن أكتب بِذَلِكَ إِلَى شيعتي من أهل العراق، فيسمع بِذَلِكَ جواسيس علي عندي وبالعراق فبلغ ذَلِكَ عَلِيًّا، ونماه إِلَيْهِ مُحَمَّد بن أبي بكر ومحمد بن جَعْفَر بن أَبِي طَالِبٍ فلما بلغ ذَلِكَ عَلِيًّا اتهم قيسا، وكتب إِلَيْهِ يأمره بقتال أهل خربتا- وأهل خربتا يَوْمَئِذٍ عشرة آلاف- فأبى قيس بن سَعْد أن يقاتلهم، وكتب إِلَى علي: إِنَّهُمْ وجوه أهل مصر وأشرافهم، وأهل الحفاظ مِنْهُمْ، وَقَدْ رضوا مني أن أؤمن سربهم، وأجري عَلَيْهِم أعطياتهم وأرزاقهم، وَقَدْ علمت أن هواهم مع مُعَاوِيَة، فلست مكايدهم بأمر أهون علي وعليك من الَّذِي أفعل بهم، ولو أني غزوتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>