للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمُدُّ أَبَا الأَعْوَرِ وَيَزِيدَ بْنَ أَسَدٍ، أَمَدَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ وَشَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ، فَاشْتَدَّ قِتَالُنَا وَقِتَالُهُمْ، فَمَا أَنْسَى قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الأَحْمَرِ الأَزْدِيِّ:

خَلُّوا لَنَا مَاءَ الْفُرَاتِ الْجَارِي ... أَوِ اثْبَتُوا لِجَحْفَلٍ جَرَارِ

لِكُلِّ قِرْمٍ مُسْتَمِيتٍ شَارِي ... مُطَاعِنٌ بِرُمْحِهِ كَرَّارِ

ضَرَّابُ هَامَاتِ الْعِدَا مِغْوَارِ.

قَالَ أَبُو مخنف: وَحَدَّثَنِي رجل من آل خارجة بن التميمي ان ظبيان ابن عمارة جعل يَوْمَئِذٍ يقاتل وَهُوَ يقول:

هل لك يَا ظبيان من بقاء ... فِي ساكن الأرض بغير ماء

لا وإله الأرض والسماء ... فاضرب وجوه الغدر الأعداء

بالسيف عِنْدَ حمس الوغاء ... حَتَّى يجيبوك إِلَى السواء

قَالَ ظبيان: فضربناهم وَاللَّهِ حَتَّى خلونا وإياه.

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: وَحَدَّثَنِي أَبِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مِخْنَفٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ يَوْمَئِذٍ، وَأَنَا ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَسْتُ فِي عَطَاءٍ، فَلَمَّا مُنِعَ النَّاسُ الْمَاءَ قَالَ لِي أَبِي: لا تَبْرَحَنَّ الرَّحْلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ يَذْهَبُونَ نَحْوَ الْمَاءِ لَمْ أَصْبِرْ، فَأَخَذْتُ سَيْفِي، وَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَقَاتَلْتُ، قَالَ: وَإِذَا أَنَا بِغُلامٍ مَمْلُوكٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَعَهُ قِرْبَةٌ، فَلَمَّا رَأَى أَهْلَ الشَّامِ قَدْ أَفْرَجُوا عَنِ الشَّرِيعَةِ اشْتَدَّ حَتَّى مَلأَ قِرْبَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ، وَيَشُدُّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَيَضْرِبُهُ فَيَصْرَعُهُ، وَسَقَطَتِ الْقِرْبَةُ مِنْهُ قَالَ:

وَأَشُدُّ عَلَى الشَّامِيِّ فَأَضْرِبُهُ فَأَصْرَعُهُ وَاشْتَدَّ أَصْحَابُهُ فَاسْتَنْقَذُوهُ، فَسَمِعْتُهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: لا نَأْمَنُ عَلَيْكَ وَرَجَعْتُ إِلَى الْمَمْلُوكِ فَاحْتَمَلْتُهُ، فَإِذَا هُوَ يُكَلِّمُنِي وَبِهِ جُرْحٌ رَغِيبٌ، فَمَا كَانَ أَسْرَعَ مِنْ أَنْ جَاءَهُ مَوْلاهُ، فَذَهَبَ به، وأخذت قربته وهي مملوءة، وآتى بِهَا أَبِي مِخْنَفًا، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَا؟ فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا-

<<  <  ج: ص:  >  >>