قال أبو مخنف: حدثني عبد الله بن عاصم الفائشي، قَالَ: حَدَّثَنِي رجل من قومي أن الأَشْتَر خرج يَوْمًا يقاتل بصفين فِي رجال من القراء، ورجال من فرسان العرب، فاشتد قتالهم، فخرج علينا رجل وَاللَّهِ لقلما رأيت رجلا قط هُوَ أطول وَلا أعظم مِنْهُ فدعا إِلَى المبارزة، فلم يخرج إِلَيْهِ أحد إلا الأَشْتَر، فاختلفا ضربتين، فضربه الأَشْتَر، فقتله، وايم اللَّه لقد كنا أشفقنا عَلَيْهِ، وسألناه أَلا يخرج إِلَيْهِ، فلما قتله الأَشْتَر نادى مناد من أَصْحَابه:
يَا سهم سهم ابن أبي العيزار ... يَا خير من نعلمه من زار
وزارة: حي من الأزد، وَقَالَ: أقسم بِاللَّهِ لأقتلن قاتلك أو ليقتلني، فخرج فحمل على الاشتر، وعطف عليه الاشتر فضربه، فإذا هُوَ بين يدي فرسه، وحمل عَلَيْهِ أَصْحَابه فاستنقذوه جريحا، فَقَالَ أَبُو رفيقة الفهمي:
هَذَا كَانَ نارا، فصادف إعصارا، واقتتل الناس ذا الحجه كله، فلما انقضى ذو الحجة تداعى الناس إِلَى أن يكف بعضهم عن بعض المحرم، لعل اللَّه أن يجري صلحا أو اجتماعا، فكف بعضهم عن بعض