على أم إسماعيل، وغارت عليها، فأخرجتها، ثم إنها دعتها فأدخلتها ثم غضبت أيضا فأخرجتها ثم أدخلتها، وحلفت لتقطعن منها بضعة، فقالت:
أقطع أنفها، أقطع أذنها، فيشينها ذلك، ثم قالت: لا بل أخفضها، فقطعت ذلك منها، فاتخذت هاجر عند ذلك ذيلا تعفي به عن الدم، فلذلك خفضت النساء، واتخذت ذيولا، ثم قالت: لا تساكني في بلد وأوحى الله إلى إبراهيم أن يأتي مكة، وليس يومئذ بمكة بيت، فذهب بها إلى مكة وابنها فوضعهما، وقالت له هاجر: إلى من تركتنا هاهنا؟ ثم ذكر خبرها، وخبر ابنها.
حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، قال:
حَدَّثَنَا عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد وغيره من أهل العلم أن الله عز وجل لما بوأ لإبراهيم مكان البيت ومعالم الحرم، فخرج وخرج معه جبرئيل، يقال: كان لا يمر بقرية إلا قال: بهذه امرت يا جبرئيل: فيقول: جبرئيل:
امضه، حتى قدم به مكة، وهي إذ ذاك عصاه سلم وسمر، وبها أناس يقال لهم العماليق، خارج مكة وما حولها، والبيت يومئذ ربوة حمراء مدره، فقال ابراهيم لجبرئيل: اهاهنا أمرت أن أضعهما؟ قال: نعم، فعمد بهما إلى موضع الحجر، فأنزلهما فيه، وأمر هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشا فقال:«رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ» إلى- «لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» ثم انصرف إلى أهله بالشام وتركهما عند البيت، قال: فظمئ إسماعيل ظمأ شديدا، فالتمست له أمه ماء فلم تجده، فاستسمعت: هل تسمع صوتا؟ لتلتمس له شرابا، فسمعت كالصوت عند الصفا، فأقبلت حتى قامت عليه فلم تر شيئا، ثم سمعت صوتا نحو المروة،