للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلًا. ثُمَّ جَاءَ حَتَّى وقف عَلَيْهِم فَقَالَ: السلام عَلَيْكُمْ يَا أهل الديار الموحشة، والمحال المقفرة، من الْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات أنتم لنا سلف فارط، ونحن لكم تبع، بكم عما قليل لاحقون اللَّهُمَّ اغفر لنا ولهم، وتجاوز بعفوك عنا وعنهم! وَقَالَ: الحمد لِلَّهِ الَّذِي جعل منها خلقكم، وفيها معادكم، منها يبعثكم، وعليها يحشركم، طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، ورضي عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ!] ثُمَّ أقبل حَتَّى حاذى سكة الثوريين، ثُمَّ قَالَ: خشوا، ادخلوا بين هَذِهِ الأبيات.

قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عاصم الفائشي، قَالَ: [مر علي بالثوريين، فسمع البكاء، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الأصوات؟ فقيل لَهُ: هَذَا البكاء عَلَى قتلى صفين، فَقَالَ: أما إني أشهد لمن قتل مِنْهُمْ صابرا محتسبا بالشهادة] ثُمَّ مر بالفائشيين، فسمع الأصوات، فَقَالَ مثل ذَلِكَ، ثُمَّ مضى حَتَّى مر بالشباميين، فسمع رجة شديدة، فوقف، فخرج إِلَيْهِ حرب بن شُرَحْبِيل الشبامي، [فَقَالَ علي: أيغلبكم نساؤكم! أَلا تنهونهن عن هَذَا الرنين! فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لو كَانَتْ دارا أو دارين أو ثلاثا قدرنا عَلَى ذَلِكَ، ولكن قتل من هَذَا الحي ثمانون ومائة قتيل، فليس دار إلا وفيها بكاء، فأما نحن معشر الرجال فإنا لا نبكي، ولكن نفرح لَهُمْ، أَلا نفرح لَهُمْ بالشهادة! قَالَ علي: رحم اللَّه قتلاكم وموتاكم! وأقبل يمشي مَعَهُ وعلي راكب، فَقَالَ لَهُ علي: ارجع، ووقف ثُمَّ قَالَ لَهُ: ارجع، فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي، ومذلة للمؤمن] ثُمَّ مضى حَتَّى مر بالناعطيين- وَكَانَ جلهم عثمانية- فسمع رجلا مِنْهُمْ يقال لَهُ عبد الرَّحْمَن بن يزيد، من بنى عبيد من الناعطيين يقول: وَاللَّهِ مَا صنع علي شَيْئًا، ذهب ثُمَّ انصرف فِي غير شَيْء! فلما نظروا إِلَى علي أبلسوا، فَقَالَ: وجوه قوم ما رأوا الشام

<<  <  ج: ص:  >  >>