للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إياها أَبُو مخنف، فقد تقدم ذكرنا لَهُ، ونذكر الآن بقية خبره فِي روايته مَا روي من ذَلِكَ عن يَزِيد بن ظبيان الهمداني، قَالَ: ولما قتل أهل خربتا ابن مضاهم الكلبي الَّذِي وجهه إِلَيْهِم مُحَمَّد بن أبي بكر، خرج مُعَاوِيَة بن حديج الكندي ثُمَّ السكوني، فدعا إِلَى الطلب بدم عُثْمَان، فأجابه ناس آخرون، وفسدت مصر عَلَى مُحَمَّد بن أبي بكر، فبلغ عَلِيًّا وثوب أهل مصر عَلَى مُحَمَّد بن أبي بكر، واعتمادهم إِيَّاهُ، فَقَالَ: مَا لمصر إلا أحد الرجلين! صاحبنا الَّذِي عزلناه عنها- يعني قيسا- أو مالك بن الْحَارِث- يعني الأَشْتَر قَالَ: وَكَانَ علي حين انصرف من صفين رد الأَشْتَر عَلَى عمله بالجزيرة، وَقَدْ كَانَ قَالَ لقيس بن سعد: أقم معى على شرطى حَتَّى نفرغ من أمر هَذِهِ الحكومة، ثُمَّ أخرج إِلَى أذربيجان، فإن قيسا مقيم مع علي عَلَى شرطته فلما انقضى أمر الحكومة كتب علي إِلَى مالك بن الْحَارِث الأَشْتَر، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بنصيبين: أَمَّا بَعْدُ، فإنك ممن استظهرته عَلَى إقامة الدين، وأقمع بِهِ نخوة الأثيم، وأشد بِهِ الثغر المخوف وكنت وليت مُحَمَّد بن أبي بكر مصر، فخرجت عَلَيْهِ بِهَا خوارج، وَهُوَ غلام حدث ليس بذي تجربة للحرب، وَلا بمجرب للأشياء، فاقدم علي لننظر فِي ذَلِكَ فِيمَا ينبغي، واستخلف عَلَى عملك أهل الثقة والنصيحة من أَصْحَابك والسلام.

[فأقبل مالك إِلَى علي حَتَّى دخل عَلَيْهِ، فحدثه حديث أهل مصر، وخبره خبر أهلها، وَقَالَ: ليس لها غيرك، اخرج رحمك اللَّه! فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك واستعن بِاللَّهِ عَلَى مَا أهمك، فاخلط الشدة باللين، وارفق مَا كَانَ الرفق أبلغ، واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك إلا الشدة] .

قَالَ: فخرج الأَشْتَر من عِنْدَ علي فأتى رحله، فتهيأ للخروج إِلَى مصر، وأتت مُعَاوِيَة عيونه، فأخبروه بولاية علي الأَشْتَر، فعظم ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ طمع فِي مصر، فعلم أن الاشتر ان قدمها كان أشد عليه من محمد ابن أبي بكر، فبعث مُعَاوِيَة إِلَى الجايستار- رجل من أهل الخراج- فَقَالَ لَهُ: إن الأَشْتَر قَدْ ولي مصر، فإن أنت كفيتنيه لم آخذ مِنْكَ خراجا مَا بقيت، فاحتل لَهُ بِمَا قدرت عَلَيْهِ فخرج الجايستار حَتَّى أتى القلزم

<<  <  ج: ص:  >  >>