بلى وَاللَّهِ نرى قَالَ: فإن صاحب منزلي لم يذكر لي شَيْئًا، قَالُوا: نرى وَاللَّهِ انه استحياء منك، فدعاه فأتاه، فقال: يا بن محدوج، إنه قَدْ بلغني أن رؤساء العشائر قاموا اليهم، وتقدموا إِلَيْهِم فِيَّ وفي أَصْحَابي، فهل قام فيكم أحد يذكر لكم شَيْئًا من ذَلِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: نعم، قَدْ قام فينا صعصعة ابن صوحان، فتقدم إلينا في الا نؤوي أحدا من طلبتهم، وَقَالُوا أقاويل كثيرة كرهت أن أذكرها لكم فتحسبوا أنه ثقل علي شَيْء من أمركم، فَقَالَ لَهُ المستورد: قَدْ أكرمت المثوى، وأحسنت الفعل، ونحن إِنْ شَاءَ اللَّهُ مرتحلون عنك، ثُمَّ قَالَ: أما وَاللَّهِ لو أرادوك فِي رحلي مَا وصلوا إليك وَلا إِلَى أحد من أَصْحَابك حَتَّى أموت دونكم، قَالَ: أعاذك اللَّه من ذَلِكَ! وبلغ الَّذِينَ فِي محبس الْمُغِيرَة مَا أجمع عَلَيْهِ أهل المصر من الرأي فِي نفي من كَانَ بينهم من الخوارج وأخذهم، فَقَالَ معاذ بن جوين بن حصين فِي ذَلِكَ:
أَلا أيها الشارون قَدْ حان لامرئ ... شرى نفسه لِلَّهِ أن يترحلا
أقمتم بدار الخاطئين جهالة ... وكل امرئ مِنْكُمْ يصاد ليقتلا
فشدوا على القوم العداه فإنما ... أقامتكمُ للذبح رأيا مضللا