إستان بهرسير إِلَى جانب دجلة، كَانَتْ لقدامة بن العجلان الأزدي- قال: لَهُ:: كم بيننا وبينهم من هَذَا المكان؟ قَالُوا: ثلاثة فراسخ، أو نحو ذَلِكَ.
قَالَ: فرجعت إِلَى صاحبي فأخبرته الخبر، فَقَالَ لأَصْحَابه: اركبوا، فركبوا، فأقبل حَتَّى انتهى بهم إِلَى جسر ساباط- وَهُوَ جسر نهر الملك، وَهُوَ من جانبه الَّذِي يلي الْكُوفَة- وأبو الرواغ وأَصْحَابه مما يلي المدائن، قَالَ:
فنزل منا نحو من خمسين رجلا، فَقَالَ: اقطعوا هَذَا الجسر، فنزلنا فقطعناه، قَالَ:
فلما رأونا وقوفا عَلَى الخيل ظنوا أنا نريد أن نعبر إِلَيْهِم، قَالَ: فصفوا لنا، وتعبوا، واشتغلوا بِذَلِكَ عنا فِي قطعنا الجسر ثُمَّ إنا أخذنا من أهل ساباط دليلا فقلنا لَهُ: احضر بين أيدينا حَتَّى ننتهي إِلَى ديلمايا، فخرج بين أيدينا يسعى، وخرجنا تلمع بنا خيلنا، فكان الخبب والوجيف، فما كَانَ إلا ساعة حَتَّى أطللنا عَلَى معقل وأَصْحَابه وهم يتحملون، فما هو الا أن بصر بنا وَقَدْ تفرق أَصْحَابه عنه، ومقدمته ليست عنده، وأَصْحَابه قَدِ استقدم طائفة مِنْهُمْ، وطائفة تزحل، وهم غارون لا يشعرون فلما رآنا نصب رايته، ونزل ونادى: يَا عباد اللَّه، الأرض الأرض! فنزل مَعَهُ نحو من مائتي رجل، قَالَ: فأخذنا نحمل عَلَيْهِم فيستقبلونا بأطراف الرماح جثاة عَلَى الركب فلا نقدر عَلَيْهِم فَقَالَ لنا: المستورد: دعوا هَؤُلاءِ إذا نزلوا وشدوا عَلَى خيلهم حَتَّى تحولوا بينها وبينهم، فإنكم إن أصبتم خيلهم فإنهم لكم عن ساعة جزر، قَالَ: فشددنا عَلَى خيلهم، فحلنا بينهم وبينها، وقطعنا أعنتها، وَقَدْ كَانُوا قرنوها، فذهبت فِي كل جانب، قَالَ:
ثُمَّ ملنا عَلَى الناس المتزحلين والمتقدمين، فحملنا عَلَيْهِم حَتَّى فرقنا