ابن الهيثم، قَالَ عَلِيّ بن مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الثقفي، عن أشياخه، أن ابن عَامِر استعمل قيس بن الهيثم عَلَى خُرَاسَان أيام مُعَاوِيَة، فَقَالَ لَهُ ابن خازم: إنك وجهت إِلَى خُرَاسَان رجلا ضعيفا، وإني أخاف إن لقي حربا أن ينهزم بِالنَّاسِ، فتهلك خُرَاسَان، وتفتضح أخوالك.
قَالَ ابن عَامِر: فما الرأي؟ قَالَ: تكتب لي عهدا: إن هُوَ انصرف عن عدوك قمت مقامه فكتب لَهُ، فجاشت جماعه من طخارستان، فشاور قيس ابن الهيثم فأشار عَلَيْهِ ابن خازم أن ينصرف حَتَّى يجتمع إِلَيْهِ أطرافه، فانصرف، فلما سار من مكانه مرحلة أو مرحلتين أخرج ابن خازم عهده، وقام بأمر الناس، ولقي العدو فهزمهم، وبلغ الخبر المصرين والشام فغضب القيسية وَقَالُوا: خدع قيسا وابن عَامِر، فأكثروا فِي ذَلِكَ حَتَّى شكوا إِلَى مُعَاوِيَةَ، فبعث إِلَيْهِ فقدم، فاعتذر مما قيل فِيهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: قم فاعتذر إِلَى النَّاسِ غدا، فرجع ابن خازم إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: إني قَدْ أمرت بالخطبة، ولست بصاحب كلام، فاجلسوا حول الْمِنْبَر، فإذا تكلمت فصدقوني، فقام من الغد، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنما يتكلف الخطبة إمام لا يجد منها بدا، أو أحمق يهمر من رأسه لا يبالي مَا خرج مِنْهُ، ولست بواحد منهما، وَقَدْ علم من عرفني أني بصير بالفرص، وثاب عَلَيْهَا، وقاف عِنْدَ المهالك، أنفذ بالسرية، وأقسم بالسوية، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ من كَانَ يعرف ذَلِكَ مني لما صدقني! قَالَ أَصْحَابه حول الْمِنْبَر: صدقت، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنك ممن نشدت فقل بِمَا تعلم، قَالَ: صدقت.
قَالَ علي: أَخْبَرَنَا شيخ من بني تميم يقال لَهُ معمر، عن بعض أهل العلم أن قيس بن الهيثم قدم عَلَى ابن عَامِر من خُرَاسَان مراغما لابن خازم، قَالَ: فضربه ابن عَامِر مائة وحلقه وحبسه، قَالَ: فطلبت اليه أمه، فاخرجه