عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَدَلِيِّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا زِيَادٌ- الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ- مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ، فَنَزَلَ دَارَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيِّ يَنْتَظِرُ أَمْرَ مُعَاوِيَةَ.
قَالَ: فَبَلَغَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ- وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ- أَنَّ زِيَادًا يَنْتَظِرُ أَنْ تَجِيءَ إِمَارَتُهُ عَلَى الْكُوفَةِ، فَدَعَا قَطَنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيَّ فَقَالَ: هَلْ فِيكَ مِنْ خَيْرٍ؟
تَكْفِينِي الْكُوفَةَ حَتَّى آتِيكَ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَا، فَدَعَا عُتَيْبَةَ بْنَ النَّهَّاسِ الْعِجْلِيَّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ فَقَبِلَ، فَخَرَجَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ سَأَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ، وَأَنْ يَقْطَعَ لَهُ مَنَازِلَ بِقَرْقِيسِيَا بَيْنَ ظَهْرَيْ قَيْسٍ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ مُعَاوِيَةُ خَافَ بَائِقَتَهُ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَتَرْجِعَنَّ إِلَى عَمَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزِدْهُ ذَلِكَ إِلا تُهْمَةً، فَرَدَّهُ إِلَى عَمَلِهِ، فَطَرَقْنَا لَيْلا، وَإِنِّي لَفَوْقَ الْقَصْرِ أَحْرُسُهُ، فَلَمَّا قَرَعَ الْبَابَ أَنْكَرْنَاهُ، فَلَمَّا خَافَ أَنْ نُدْلِيَ عَلَيْهِ حَجَرًا تَسَمَّى لَنَا، فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ فَرَحَّبْتُ لَهُ وَسَلَّمْتُ، فَتَمَثَّلَ:
بِمِثْلِي فَافْزَعِي يَا أُمَّ عَمْرٍو ... إِذَا مَا هَاجَنِي السَّفَرَ النُّعُورُ
اذْهَبْ إِلَى ابْنِ سُمَيَّةَ فَرَحِّلْهُ حَتَّى لا يُصْبِحَ إِلا مِنْ وَرَاءِ الْجِسْرِ فَخَرَجْنَا فَأَتَيْنَا زِيَادًا، فاخرجناه حتى طرحناه من وَرَاءَ الْجِسْرِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ.
فَحَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ وَالْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَعْمَلَ زِيَادًا عَلَى الْبَصْرَةِ وَخُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ، ثُمَّ جَمَعَ لَهُ الْهِنْدَ وَالْبَحْرَيْنِ وَعُمَانَ، وَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فِي آخِرِ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ- أَوْ غُرَّةِ جُمَادَى الأُولَى- سَنَةَ خَمْسٍ، وَالْفِسْقُ بِالْبَصْرَةِ ظَاهِرٌ، فَاشٍ، فَخَطَبَ خُطْبَةً بَتْرَاءَ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فِيهَا، وَقِيلَ: بَلْ حَمِدَ الله فقال:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute