للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُ طَاقِ الْجَعْدِ، وَكَانَا جَمِيعًا عَلَى شُرَطِهِ، فَبَيْنَا زِيَادٌ يَوْمًا يَسِيرُ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَسِيرَانِ بِحَرْبَتَيْنِ، تَنَازَعَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ زِيَادٌ: يَا جَعْدُ، أَلْقِ الْحَرْبَةَ، فَأَلْقَاهَا، وَثَبَتَ ابْنُ حِصْنٍ عَلَى شُرَطِهِ حَتَّى مَاتَ زِيَادٌ.

وَقِيلَ: انه ولى الجعد امر الفساق، وكان يتبعهم، وَقِيلَ لِزِيَادٍ: إِنَّ السُّبُلَ مَخُوفَةٌ، فَقَالَ: لا أُعَانِي شَيْئًا سِوَى الْمِصْرِ حَتَّى أَغْلِبَ عَلَى الْمِصْرِ وَأُصْلِحَهُ، فَإِنْ غَلَبَنِي الْمِصْرُ فَغَيْرُهُ أَشَدُّ غَلَبَةً، فَلَمَّا ضَبَطَ الْمِصْرَ تَكَلَّفَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَأَحْكَمَهُ وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ ضَاعَ حَبْلٌ بَيْنِي وَبَيْنَ خُرَاسَانَ عَلِمْتُ مَنْ أَخَذَهُ.

وَكَتَبَ خمسمائة مِنْ مَشْيَخَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي صَحَابَتِهِ، فَرَزَقَهُمْ ما بين الثلثمائه الى الخمسمائة، فَقَالَ فِيهِ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ الْغُدَانِيُّ:

أَلا مِنْ مُبْلِغٍ عَنِّي زِيَادًا ... فَنِعْمَ أَخُو الْخَلِيفَةِ وَالأَمِيرُ!

فَأَنْتَ إِمَامُ مَعْدَلَةٍ وَقَصْدٍ ... وَحَزْمٍ حِينَ تَحْضُرُكَ الأُمُورُ

أَخُوكَ خَلِيفَةُ اللَّهِ ابْنُ حَرْبٍ ... وَأَنْتَ وَزِيرُهُ، نِعْمَ الْوَزِيرُ!

تُصِيبُ عَلَى الْهَوَى مِنْهُ وَتَأْتِي ... مُحِبَّكَ مَا يَجُنُّ لَنَا الضَّمِيرُ

بِأَمْرِ اللَّهِ مَنْصُورٌ مُعَانٌ ... إِذَا جَارَ الرَّعِيَّةُ لا تَجُورُ

يُدِرُّ عَلَى يَدَيْكَ لِمَا أَرَادُوا ... مِنَ الدُّنْيَا لَهُمْ حَلَبٌ غَزِيرُ

وَتَقْسِمُ بِالسَّوَاءِ فَلا غَنِيٌّ ... لِضَيْمٍ يَشْتَكِيكَ وَلا فَقِيرُ

وَكُنْتَ حَيَا وَجِئْتَ عَلَى زَمَانٍ ... خَبِيثٍ، ظَاهِرٌ فِيهِ شُرُورُ

تَقَاسَمَتِ الرِّجَالُ بِهِ هَوَاهَا ... فَمَا تُخْفِي ضغائنها الصدور

<<  <  ج: ص:  >  >>