للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه هُوَ هُوَ، وذاك حين نظرنا إِلَى أبيات الْكُوفَة، فكرهت أن أسأله: أنت الضارب عَمْرو بن الحمق؟ فيكابرني، فقلت لَهُ: مَا رأيتك من الْيَوْم الَّذِي ضربت فِيهِ رأس عَمْرو بن الحمق بالعمود فِي المسجد إِلَى يومي هَذَا، وَلَقَدْ عرفتك الآن حين رأيتك، فَقَالَ لي: لا تعدم بصرك، مَا أثبت نظرك! كَانَ ذَلِكَ أمر الشَّيْطَان، أما إنه قَدْ بلغني أنه كَانَ امرأ صالحا، وَلَقَدْ ندمت عَلَى تِلَكَ الضربة، فأستغفر اللَّه فقلت له: الا ترى وَاللَّهِ لا أفترق أنا وأنت حَتَّى أضربك عَلَى رأسك مثل الضربة الَّتِي ضربتها عَمْرو بن الحمق أو أموت أو تموت! فناشدني اللَّه وسألني اللَّه، فأبيت عَلَيْهِ، ودعوت غلاما لي يدعى رشيدا من سبي أصبهان مَعَهُ قناة لَهُ صلبة، فأخذتها مِنْهُ، ثُمَّ أحمل عَلَيْهِ بِهَا، فنزل عن دابته، وألحقه حين استوت قدماه بالأرض، فأصفع بِهَا هامته، فخر لوجهه، ومضيت وتركته، فبرأ بعد، فلقيته مرتين من الدهر، كل ذَلِكَ يقول: اللَّه بيني وبينك! وأقول: اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بينك وبين عَمْرو بن الحمق! ثُمَّ رجع إِلَى أول الحديث قَالَ: فلما ضرب عمرا تِلَكَ الضربة وحمله ذانك الرجلان، انحاز أَصْحَاب حجر إِلَى أبواب كندة، ويضرب رجل من جذام كَانَ فِي الشرطة رجلا يقال لَهُ عَبْد اللَّهِ بن خليفة الطَّائِيّ بعمود، فضربه ضربة فصرعه، فَقَالَ وَهُوَ يرتجز:

قَدْ علمت يوم الهياج خلتي ... أني إذا مَا فِئتي تولت

وكثرت عداتها أو قلت ... أنيَ قتال غداة بلت

وضربت يد عائذ بن حملة التميمي وكسرت نابه، فَقَالَ:

إن تكسروا نابي وعظم ساعدي ... فإن فيّ سورة المناجد

وبعض شغب البطل المبالد.

وينتزع عمودا من بعض الشرطة، فقاتل بِهِ وحمى حجرا وأَصْحَابه، حَتَّى خرجوا من تلقاء أبواب كندة، وبغلة حجر موقوفة، فأتى بِهَا أَبُو العمرطة إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اركب لا أب لغيرك! فو الله مَا أراك إلا قَدْ قتلت نفسك،

<<  <  ج: ص:  >  >>