بني تميم، فمضوا بهم حَتَّى نزلوا مرج عذراء، فحبسوا بها ثم ان زيادا أتبعهم برجلين آخرين مع عَامِر بن الأَسْوَدِ العجلي، بعتبة بن الأخنس من بني سعد بن بكر بن هوازن، وسعيد بن نمران الهمداني ثُمَّ الناعطي، فتموا أربعة عشر رجلا، فبعث مُعَاوِيَة إِلَى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما، وفض كتابهما، فقرأه عَلَى أهل الشام، فإذا فِيهِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لعبد اللَّه مُعَاوِيَة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ من زياد بن أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ، فإن اللَّه قَدْ أحسن عِنْدَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ البلاء، فكاد لَهُ عدوه، وكفاه مؤنة من بغى عليه ان طواغيت من هذه الترابية السبئيه، رأسهم حجر بن عدي خالفوا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وفارقوا جماعة الْمُسْلِمِينَ، ونصبوا لنا الحرب، فأظهرنا اللَّه عَلَيْهِم، وأمكننا مِنْهُمْ، وَقَدْ دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي السن والدين مِنْهُمْ، فشهدوا عَلَيْهِم بِمَا رأوا وعملوا، وَقَدْ بعثت بهم إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم فِي أسفل كتابي هَذَا.
فلما قرأ الكتاب وشهادة الشهود عَلَيْهِم، قَالَ: ماذا ترون فِي هَؤُلاءِ النفر الَّذِينَ شهد عَلَيْهِم قومهم بِمَا تستمعون؟ فَقَالَ لَهُ يَزِيد بن أسد البجلي: أَرَى أن تفرقهم فِي قرى الشام فيكفيكهم طواغيتها.
ودفع وائل بن حجر كتاب شريح بن هانئ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فقرأه فإذا فِيهِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لعبد اللَّه مُعَاوِيَة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ من شريح بن هانئ أَمَّا بَعْدُ، فإنه بلغني أن زيادا كتب إليك بشهادتي عَلَى حجر بن عدي، وأن شهادتي عَلَى حجر أنه ممن يقيم الصَّلاة، ويؤتي الزكاة، ويديم الحج والعمرة، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، حرام الدم والمال، فإن شئت فاقتله، وإن شئت فدعه فقرأ كتابه عَلَى وائل بن حجر وكثير، فَقَالَ:
مَا أَرَى هَذَا إلا قَدْ أخرج نفسه من شهادتكم فحبس القوم بمرج عذراء، وكتب مُعَاوِيَة إِلَى زياد: أَمَّا بَعْدُ، فقد فهمت مَا اقتصصت بِهِ من أمر حجر وأَصْحَابه، وشهادة من قبلك عَلَيْهِم، فنظرت فِي ذَلِكَ، فأحيانا أَرَى قتلهم أفضل من تركهم،