للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَمِينِي فَارِغَةٌ فَضَمَّ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ الْعَرُوضَ- وَهِيَ الْيَمَامَةُ وَمَا يَلِيهَا- فَدَعَا عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، فَطُعِنَ وَمَاتَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ: اذْهَبْ إِلَيْكَ ابْنَ سُمَيَّةَ، فَلا الدُّنْيَا بَقِيَتْ لَكَ، وَلا الآخِرَةَ أَدْرَكْتَ.

حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: كَتَبَ زِيَادٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ:

قَدْ ضَبَطْتُ لَكَ الْعِرَاقَ بِشِمَالِي وَيَمِينِي فَارِغَةٌ، فَاشْغَلْهَا بِالْحِجَازِ، وَبَعَثَ فِي ذَلِكَ الْهَيْثَمَ بْنَ الأَسْوَدِ النَّخَعِيَّ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ مَعَ الْهَيْثَمِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الْحِجَازِ أَتَى نَفَرٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: ادْعُوا اللَّهَ عَلَيْهِ يَكْفِيكُمُوهُ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَاسْتَقْبَلُوهَا فَدَعَوْا وَدَعَا، فَخَرَجَتْ طَاعُونَةٌ عَلَى أُصْبُعِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى شُرَيْحٍ- وَكَانَ قَاضِيهِ- فَقَالَ:

حَدَثَ بِي مَا تَرَى، وَقَدْ أُمِرْتُ بِقَطْعِهَا، فَأَشِرْ عَلَيَّ، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ:

إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْجِرَاحُ عَلَى يَدِكَ، وَالأَلَمُ عَلَى قَلْبِكَ، وَأَنْ يَكُونَ الأَجَلُ قَدْ دَنَا، فَتَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَجْذَمَ، وَقَدْ قَطَعْتَ يَدَكَ كَرَاهِيَةً لِلِقَائِهِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ فِي الأَجَلِ تَأْخِيرٌ وَقَدْ قَطَعْتَ يَدَكَ فَتَعِيشُ أَجْذَمَ وَتُعَيَّرُ وَلَدُكَ.

فَتَرَكَهَا، وَخَرَجَ شُرَيْحٌ فَسَأَلُوهُ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا أَشَارَ بِهِ، فَلامُوهُ وَقَالُوا:

هَلا أَشَرْتَ عَلَيْهِ بِقَطْعِهَا! [فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ص: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ] .

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ المروزي، قَالَ: حدثني أبي، قال: حدثني سُلَيْمَان، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يُحَدِّثُ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى شُرَيْحٍ يَسْتَشِيرُهُ فِي قَطْعِ يَدِهِ، فَقَالَ: لا تَفْعَلْ، إِنَّكَ إِنْ عِشْتَ صِرْتَ أَجْذَمَ، وَإِنْ هَلَكْتَ إِيَّاكَ جَانِيًا عَلَى نَفْسِكَ، قَالَ: أَنَامُ وَالطَّاعُونَ فِي لِحَافٍ! فَعَزَمَ أَنْ يَفْعَلَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّارِ وَالْمَكَاوِي جَزِعَ وَتَرَكَ ذَلِكَ.

حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الْمَلِكِ بن قريب الأصمعي، قَالَ:

حَدَّثَنِي ابن أبي زياد، قَالَ: لما حضرت زيادا الوفاة قَالَ لَهُ ابنه: يَا أبت، قَدْ هيأت لك ستين ثوبا أكفنك فِيهَا، قَالَ: يَا بني، قَدْ دنا من أبيك

<<  <  ج: ص:  >  >>