ابن أُسَيْدٍ، قَالَ: فَمَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْبَصْرَةِ؟ قَالَ: سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيُّ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: لَوِ اسْتَعْمَلَكَ أَبُوكَ اسْتَعْمَلْتُكَ، فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ:
أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ يَقُولَهَا إِلَيَّ أَحَدٌ بعدك: لو ولاك ابوك وعمك لوليتك! قالا: وَكَانَ مُعَاوِيَةُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَ رَجُلا مِنْ بَنِي حَرْبٍ وَلاهُ الطَّائِفَ، فَإِنْ رَأَى منه خيرا وما يُعْجِبُهُ وَلاهُ مَكَّةَ مَعَهَا، فَإِنْ أَحْسَنَ الْوِلايَةَ وَقَامَ بِمَا وُلِّيَ قِيَامًا حَسَنًا جَمَعَ لَهُ مَعَهُمَا الْمَدِينَةَ، فَكَانَ إِذَا وُلِّيَ الطَّائِفُ رَجُلا قِيلَ:
هُوَ فِي أَبِي جَادٍ، فَإِذَا وَلاهُ مَكَّةَ قِيلَ: هُوَ فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا وَلاهُ المدينة قيل: هو قد حذق.
قَالا: فَلَمَّا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ مَا قَالَ وَلاهُ خُرَاسَانَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ حِينَ وَلاهُ:
إِنِّي قَدْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مِثْلَ عَهْدِي إِلَى عُمَّالِي، ثُمَّ أُوصِيكَ وَصِيَّةَ الْقَرَابَةِ لِخَاصَّتِكَ عِنْدِي: لا تَبِيعَنَّ كَثِيرًا بِقَلِيلٍ، وَخُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ، وَاكْتَفِ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوِّكَ بِالْوَفَاءِ تَخِفَّ عَلَيْكَ الْمَئُونَةُ وَعَلَيْنَا مِنْكَ، وَافْتَحْ بَابَكَ لِلنَّاسِ تَكُنْ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَنْتَ وَهُمْ سَوَاءً، وَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى أَمْرٍ فَأَخْرِجْهُ إِلَى النَّاسِ، وَلا يَكُنْ لأَحَدٍ فِيهِ مَطْمَعٌ، وَلا يَرْجِعَنَّ عَلَيْكَ وَأَنْتَ تَسْتَطِيعُ، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ فَغَلَبُوكَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ فَلا يَغْلِبُوكَ عَلَى بطنها، وان احتاج أصحابك الى ان تؤاسيهم بِنَفْسِكَ فَأْسُهُمْ.
حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَقَالَ:
اسْتَمْسِكِ الْفَسْفَاسَ إِنْ لَمْ يَقْطَعْ.
وَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُؤْثِرَنَّ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ شَيْئًا، فَإِنَّ فِي تَقْوَاهُ عِوَضًا، وَقِ عِرْضَكَ مِنْ أَنْ تُدَنِّسَهُ، وَإِذَا أَعْطَيْتَ عَهْدًا فَفِ بِهِ، وَلا تَبِيعَنَّ كَثِيرًا بِقَلِيلٍ، وَلا تُخْرِجَنَّ مِنْكَ أَمْرًا حَتَّى تُبْرِمَهُ، فَإِذَا خَرَجَ فَلا يُرَدَنَّ عَلَيْكَ، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ فكن اكثر من معك، وقاسمهم عَلَى كِتَابِ اللَّهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute