أبلغ حجة، وأوجز بيان، وأدل دليل على بطول ما قاله المبطلون من أهل الشرك بالله، وذلك أن السموات والأرض لو كان فيهما إله غير الله، لم يخل أمرهما مما وصفت من اتفاق واختلاف وفي القول باتفاقهما فساد القول بالتثنية، وإقرار بالتوحيد، وإحالة في الكلام بأن قائله سمى الواحد اثنين وفي القول باختلافهما، القول بفساد السموات والأرض، كما قال ربنا جل وعز:«لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا» لأن أحدهما كان إذا أحدث شيئا وخلقه كان من شأن الآخر إعدامه وإبطاله، وذلك أن كل مختلفين فأفعالهما مختلفة، كالنار التي تسخن، والثلج الذي يبرد ما أسخنته النار وأخرى، أن ذلك لو كان كما قاله المشركون بالله لم يخل كل واحد من الاثنين اللذين أثبتوهما قديمين من أن يكونا قويين او عاجزين، فان كانا عاجزين فالعاجز مقهور وغير كائن إلها وإن كانا قويين فإن كل واحد منهما بعجزه عن صاحبه عاجز، والعاجز لا يكون إلها وإن كان كل واحد منهما قويا على صاحبه عاجز، والعاجز لا يكون إلها وإن كان كل واحد منهما قويا على صاحبه، فهو بقوة صاحبه عليه عاجز، تعالى ذكره عما يشرك المشركون! فتبين إذا أن القديم بارئ الأشياء وصانعها هو الواحد الذي كان قبل كل شيء، وهو الكائن بعد كل شيء، والأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء، وأنه كان ولا وقت ولا زمان، ولا ليل ولا نهار، ولا ظلمة ولا نور إلا نور وجهه الكريم ولا سماء ولا أرض، ولا شمس ولا قمر ولا نجوم، وأن كل شيء سواه محدث مدبر مصنوع، انفرد بخلق جميعه بغير شريك ولا معين ولا ظهير، سبحانه من قادر قاهر! وقد حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هريرة، [ان النبي ص قال: