للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْوَاقِدِيّ: قَدِ اختلفوا علينا فِي حديث عَمْرو بن الزُّبَيْرِ، وكتبت كل ذَلِكَ.

حَدَّثَنِي خَالِد بن إلياس، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الجهم، قَالَ:

لما قدم عَمْرو بن سَعِيد الْمَدِينَة واليا، قدم فِي ذي القعدة سنة ستين، فولى عَمْرو ابن الزُّبَيْرِ شرطته، وَقَالَ: قَدْ أقسم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الا يقبل بيعة ابن الزُّبَيْر إلا أن يؤتى بِهِ فِي جامعة، فليبر يمين أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، فإني أجعل جامعة خفيفة من ورق أو ذهب، ويلبس عَلَيْهَا برنسا، وَلا ترى إلا أن يسمع صوتها، وَقَالَ:

خذها فليست للعزيز بخطة ... وفيها مقال لامرئ متذلل

أعامر إن القوم ساموك خطة ... ومالك فِي الجيران عذل معذل

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي رِيَاحُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو شُرَيْحٍ: [لا تَغْزُ مَكَّةَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رسول الله ص يَقُولُ: إِنَّمَا أَذِنَ اللَّهُ لِي فِي الْقِتَالِ بِمَكَّةَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ كَحُرْمَتِهَا،] فَأَبَى عَمْرٌو أَنْ يَسْمَعَ قَوْلَهُ، وَقَالَ:

نَحْنُ أَعْلَمُ بِحُرْمَتِهَا مِنْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ، فَبَعَثَ عَمْرٌو جيشا مع عمرو ومعه انيس ابن عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ، وَزَيْدٌ غُلامُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، - وَكَانُوا نَحْوَ أَلْفَيْنِ- فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، فَقُتِلَ أُنَيْسُ بْنُ عَمْرٍو وَالْمُهَاجِرُ مَوْلَى الْقَلَمَّسِ فِي نَاسٍ كَثِيرٍ، وَهُزِمَ جَيْشُ عَمْرٍو، فَجَاءَ عُبَيْدَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لأَخِيهِ عَمْرٍو: أَنْتَ فِي ذِمَّتِي، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: مَا هَذَا الدَّمُ الَّذِي فِي وَجْهِكَ يَا خَبِيثُ! فَقَالَ عَمْرٌو:

لَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدَّمَا

فَحَبَسَهُ وَأَخْفَرَ عُبَيْدَةَ، وَقَالَ: أَمَرْتُكَ أَنْ تُجِيرَ هَذَا الْفَاسِقَ الْمُسْتَحِلَّ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ، ثُمَّ أَقَادَ عَمْرًا مِنْ كُلِّ مَنْ ضَرَبَهُ إِلا الْمُنْذِرَ وَابْنَهُ، فَإِنَّهُمَا أَبَيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>