لا يَدْفَعُونَ وَلا يُنْكِرُونَ أَنَ مَوْلِدَ إِبْرَاهِيمَ كان في عهد الضحاك بن اندرماسب الذي قد ذكرنا بعض أخباره فيما مضى، وأن ملك شرق الأرض وغربها يومئذ كان الضحاك وقد قال بعض من أشكل عليه أمر نمرود ممن عرف زمان الضحاك وأسبابه فلم يدر كيف الأمر في ذلك مع سماعه ما انتهى إليه من الأخبار عمن روي عنه أنه قال: ملك الأرض كافران ومؤمنان، فأما الكافران فنمرود وبختنصر، وأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين وقول القائلين من أهل الأخبار إن الضحاك كان هو ملك شرق الأرض وغربها في عهد إبراهيم نمرود: هو الضحاك وليس الأمر في ذلك عند أهل العلم بأخبار الأوائل، والمعرفة بالأمور السوالف، كالذي ظن، لأن نسب نمرود في النبط معروف، ونسب الضحاك في عجم الفرس مشهور، ولكن ذوي العلم بأخبار الماضين وأهل المعرفة بامور السافلين من الأمم ذكروا أن الضحاك كان ضم إلى نمرود السواد وما اتصل به يمنة ويسرة، وجعله وولده عماله على ذلك، وكان هو يتنقل في البلاد، وكان وطنه الذي هو وطنه ووطن أجداده دنباوند، من جبال طبرستان، وهنالك رمى به أفريدون حين ظفر به وقهره موثقا بالحديد وكذلك بختنصر كان أصبهبذ ما بين الأهواز إلى أرض الروم من غربي دجلة من قبل لهراسب، وذلك أن لهراسب كان مشتغلا بقتال الترك، مقيما بإزائهم ببلخ، وهو بناها- فيما قيل- لما تطاول مكثه هنالك لحرب الترك، فظن من لم يكن عالما بأمور القوم بتطاول مدة ولايتهم أمر الناحية لمن ولوا له أنهم كانوا هم الملوك ولم يدع أحد من أهل العلم بأمور الأوائل وأخبار الملوك الماضية وأيام الناس فيما نعلمه أن أحدا من النبط كان ملكا برأسه على شبر من الارض، فكيف يملك شرق الأرض وغربها! ولكن العلماء من أهل الكتاب وأهل المعرفة بأخبار الماضين ومن قد عانى النظر في كتب التأريخات، يزعمون أن ولاية نمرود إقليم بابل من قبل الازدهاق بيوراسب دامت أربعمائة سنة، ثم لرجل من نسله من بعد هلاك نمرود، يقال