للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهار أشد قتال خلقه اللَّه، وأخذوا لا يقدرون عَلَى أن يأتوهم إلا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض قَالَ: فلما رَأَى ذَلِكَ عُمَر بن سَعْد أرسل رجالا يقوضونها عن أيمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم، قَالَ: فأخذ الثلاثة والأربعة من أَصْحَاب الْحُسَيْن يتخللون البيوت فيشدون عَلَى الرجل وَهُوَ يقوض وينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه فأمر بِهَا عُمَر بن سَعْد عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: أحرقوها بالنار، وَلا تدخلوا بيتا وَلا تقوضوه، فجاءوا بالنار، فأخذوا يحرقون، فَقَالَ حُسَيْن:

دعوهم فليحرقوها، فإنهم لو قَدْ حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها، وَكَانَ ذَلِكَ كذلك، وأخذوا لا يقاتلونهم إلا من وجه واحد قَالَ: وخرجت امرأة الكلبي تمشي إِلَى زوجها حَتَّى جلست عِنْدَ رأسه تمسح عنه التراب وتقول:

هنيئا لك الجنة! فَقَالَ شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمى رستم: اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه، فماتت مكانها، قَالَ: وحمل شمر بن ذي الجوشن حَتَّى طعن فسطاط الْحُسَيْن برمحه، ونادى: علي بالنار حَتَّى أحرق هَذَا البيت عَلَى أهله، قَالَ: فصاح النساء وخرجن من الفسطاط، قَالَ: [وصاح به الحسين: يا بن ذي الجوشن، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي عَلَى أهلي، حرقك اللَّه بالنار!] قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قَالَ: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان اللَّه! إن هَذَا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع عَلَى نفسك خصلتين تعذب بعذاب اللَّه، وتقتل الولدان والنساء! وَاللَّهِ إن فِي قتلك الرجال لما ترضي بِهِ أميرك، قَالَ: فَقَالَ: من أنت؟ قَالَ:

قلت: لا أخبرك من أنا، قَالَ: وخشيت وَاللَّهِ أن لو عرفني أن يضرني عِنْدَ السلطان، قَالَ: فجاءه رجل كَانَ أطوع لَهُ مني، شبث بن ربعي فَقَالَ:

مَا رأيت مقالا أسوأ من قولك، وَلا موقفا أقبح من موقفك، أمرعبا للنساء صرت! قَالَ: فأشهد أنه استحيا، فذهب لينصرف وحمل عَلَيْهِ زهير ابن القين فِي رجال من أَصْحَابه عشرة، فشد عَلَى شمر بن ذي الجوشن

<<  <  ج: ص:  >  >>