للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسيوف نفرت وابذعرت وأحجمت، فنادى فِيهِمْ مسلم بن عُقْبَةَ: يَا أهل الشام، مَا جعلهم اللَّه أولى بالأرض مِنْكُمْ، يَا حصين بن نمير، انزل فِي جندك، فنزل فِي أهل حمص، فمشى إِلَيْهِم، فلما رآهم قَدْ أقبلوا يمشون تحت راياتهم نحو ابن الغسيل قام فِي أَصْحَابه فَقَالَ: يَا هَؤُلاءِ، إن عدوكم قَدْ أصابوا وجه القتال الَّذِي كَانَ ينبغي أن تقاتلوهم بِهِ، وإني قَدْ ظننت أَلا تلبثوا إلا ساعة حَتَّى يفصل اللَّه بينكم وبينهم إما لكم وإما عَلَيْكُمْ أما إنكم أهل البصيرة ودار الهجرة، وَاللَّهِ مَا أظن ربكم أصبح عن أهل بلد من بلدان الْمُسْلِمِينَ بأرضى مِنْهُ عنكم، وَلا عَلَى أهل بلد من بلدان العرب بأسخط مِنْهُ عَلَى هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم ان لكل امرئ مِنْكُمْ ميتة هُوَ ميت بِهَا، وَاللَّهِ مَا من ميتة بأفضل من ميتة الشهادة، وقد ساقها الله إليكم فاغتنموها، فو الله مَا كل مَا أردتموها وجدتموها ثُمَّ مشى برايته غير بعيد، ثُمَّ وقف، وجاء ابن نمير برايته حَتَّى أدناها، وأمر مسلم بن عُقْبَةَ عَبْد اللَّهِ بن عضاه الأَشْعَرِيّ فمشى في خمسمائة مرام حَتَّى دنوا من ابن الغسيل وأَصْحَابه، فأخذوا ينضحونهم بالنبل، فَقَالَ ابن الغسيل: علام تستهدفون لَهُمْ! من أراد التعجل إِلَى الجنة فليلزم هَذِهِ الراية، فقام إِلَيْهِ كل مستميت، فقال: الغدو الى ربكم، فو الله إني لأرجو أن تكونوا عن ساعة قريري عين، فنهض القوم بعضهم إِلَى بعض فاقتتلوا أشد قتال رئى فِي ذَلِكَ الزمان ساعة من نهار، وأخذ يقدم بنيه أمامه واحدا واحدا حَتَّى قتلوا بين يديه، وابن الغسيل يضرب بسيفه، ويقول:

بعدا لمن رام الفساد وطغى ... وجانب الحق وآيات الهدى

لا يبعد الرحمن إلا من عصى.

فقتل، وقتل مَعَهُ أخوه لأمه مُحَمَّد بن ثَابِتِ بْنِ قيس بن شماس، استقدم فقاتل حَتَّى قتل، وَقَالَ: مَا أحب أن الديلم قتلوني مكان هَؤُلاءِ القوم، ثُمَّ قاتل حَتَّى قتل وقتل مَعَهُ مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم الأنصاري، فمر عليه مروان

<<  <  ج: ص:  >  >>