المطلب بن أسد بن عبد العزى ومُحَمَّد بن أبي الجهم بن حُذَيْفَة العدوي ولمعقل ابن سنان الأشجعي، فأتي بهما بعد الوقعة بيوم فقال: بايعا، فَقَالَ القرشيان:
نبايعك عَلَى كتاب اللَّه وسنة نبيه، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ لا أقيلكم هَذَا ابدا، فقد مهما فضرب أعناقهما، فَقَالَ لَهُ مَرْوَان: سبحان اللَّه! أتقتل رجلين من قريش أتيا ليؤمنا فضربت أعناقهما! فنخس بالقضيب فِي خاصرته ثُمَّ قَالَ:
وأنت وَاللَّهِ لو قلت بمقالتهما مَا رأيت السماء إلا برقة.
قَالَ هِشَام: قَالَ أَبُو مخنف: وجاء معقل بن سنان، فجلس مع القوم، فدعا بشراب ليسقى، فَقَالَ لَهُ مسلم: أي الشراب أحب إليك؟
قَالَ: العسل، قَالَ: اسقوه، فشرب حَتَّى ارتوى، فَقَالَ لَهُ: أقضيت ريك من شرابك؟ قَالَ: نعم، قَالَ: لا وَاللَّهِ لا تشرب بعده شرابا أبدا إلا الحميم فِي نار جهنم، أتذكر مقالتك لأمير الْمُؤْمِنِينَ: سرت شهرا، ورجعت شهرا، وأصبحت صفرا، اللَّهُمَّ غَيّر- تعني يَزِيد! فقدمه فضرب عنقه.
قَالَ هِشَام: وأما عوانة بن الحكم فذكر أن مسلم بن عُقْبَةَ بعث عَمْرو بن محرز الأشجعي فأتاه بمعقل بن سنان فَقَالَ لَهُ مسلم: مرحبا بأبي مُحَمَّد! أراك عطشان! قَالَ: أجل، قَالَ: شوبوا لَهُ عسلا بالثلج الَّذِي حملتموه معنا- وَكَانَ لَهُ صديقا قبل ذَلِكَ- فشابوه لَهُ، فلما شرب معقل قَالَ لَهُ:
سقاك اللَّه من شراب الجنة، فَقَالَ لَهُ مسلم: أما وَاللَّهِ لا تشرب بعدها شرابا أبدا حَتَّى تشرب من شراب الحميم، قال: أنشدك الله والرحيم! فَقَالَ لَهُ مسلم: أنت الَّذِي لقيتني بطبرية ليلة خرجت من عِنْدَ يَزِيد، فقلت: سرنا شهرا ورجعنا من عِنْدَ يَزِيد صفرا، نرجع إِلَى الْمَدِينَة فنخلع هَذَا الفاسق، ونبايع لرجل من أبناء المهاجرين! فيم غطفان وأشجع من الخلع والخلافة! إني آليت بيمين لا ألقاك فِي حرب أقدر فِيهِ عَلَى ضرب عنقك إلا فعلت،