ولكن أكره معصية أمر أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الموت، ثُمَّ دعا بِهِ فَقَالَ: انظر يَا برذعة الحمار فاحفظ مَا أوصيك بِهِ، عم الأخبار، وَلا ترع سمعك قريشا أبدا، وَلا تردن أهل الشام، عن عدوهم، وَلا تقيمن إلا ثلاثا حَتَّى تناجز ابن الزُّبَيْر الفاسق، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إني لم أعمل عملا قط بعد شِهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله أحب إلي من قتلي أهل الْمَدِينَة، وَلا أرجي عندي فِي الآخرة ثُمَّ قَالَ لبني مرة: زراعتي الَّتِي بحوران صدقة عَلَى مرة، وما أغلقت عَلَيْهِ فلانة بابها فهو لها- يعني أم ولده- ثُمَّ مات.
ولما مات خرج حصين بن نمير بِالنَّاسِ، فقدم عَلَى ابن الزُّبَيْر مكة وَقَدْ بايعه أهلها وأهل الحجاز.
قَالَ هِشَام: قَالَ عوانة: قَالَ مسلم قبل الوصية: إن ابني يزعم أن أم ولدي هَذِهِ سقتني السم، وَهُوَ كاذب، هَذَا داء يصيبنا فِي بطوننا أهل البيت قَالَ: وقدم عَلَيْهِ- يعني ابن الزُّبَيْر- كل أهل الْمَدِينَة، وَقَدْ قدم عَلَيْهِ نجدة بن عَامِر الحنفي فِي أناس من الخوارج يمنعون البيت، فَقَالَ لأخيه المنذر: مَا لهذا الأمر ولدفع هَؤُلاءِ القوم غيري وغيرك- وأخوه المنذر ممن شهد الحرة، ثُمَّ لحق بِهِ- فجرد إِلَيْهِم أخاه فِي الناس، فقاتلهم ساعة قتالا شديدا.
ثُمَّ إن رجلا من أهل الشام دعا المنذر إِلَى المبارزة- قَالَ: والشامي عَلَى بغلة لَهُ- فخرج إِلَيْهِ المنذر، فضرب كل واحد منهما صاحبه ضربة خر صاحبه لها ميتا، فجثا عَبْد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ عَلَى ركبتيه وَهُوَ يقول: يَا رب أبرها من أصلها وَلا تشدها، وَهُوَ يدعو عَلَى الَّذِي بارز أخاه ثُمَّ ان اهل الشام شدوا عليهم شدة منكرة، وانكشف أَصْحَابه انكشافة، وعثرت بغلته فَقَالَ: تعسا! ثُمَّ نزل وصاح بأَصْحَابه: إلي، فأقبل إِلَيْهِ المسور بن مخرمة بن نوفل بْن أهيب بْن عبد مناف بْن زهرة، ومصعب بن عبد الرحمن ابن عوف الزُّهْرِيّ، فقاتلوا حَتَّى قتلوا جميعا وصابرهم ابن الزُّبَيْر يجالدهم