الف- فقال للناس: ان هذا فيئكم، فخذوا أعطياتكم وأرزاق ذراريكم مِنْهُ، وأمر الكتبة بتحصيل الناس وتخريج الأسماء، واستعجل الكتاب فِي ذَلِكَ حَتَّى وكل بهم من يحبسهم بالليل فِي الديوان، وأسرجوا بالشمع.
قَالَ: فلما صنعوا مَا صنعوا وقعدوا عنه، وَكَانَ من خلاف سلمة عَلَيْهِ مَا كَانَ، كف عن ذَلِكَ، ونقلها حين هرب، فهي إِلَى الْيَوْم تردد فِي آل زياد، فيكون فِيهِمُ العرس أو المأتم فلا يرى فِي قريش مثلهم، وَلا فِي قريش أحسن مِنْهُمْ فِي الغضارة والكسوة فدعا عُبَيْد اللَّهِ رؤساء خاصة السلطان، فأرادهم أن يقاتلوا مَعَهُ، فَقَالُوا: إن أمرنا قوادنا قاتلنا معك، فَقَالَ إخوة عُبَيْد اللَّهِ لعبيد اللَّه: وَاللَّهِ مَا من خليفة فتقاتل عنه فإن هزمت فئت إِلَيْهِ وإن استمددته أمدك، وَقَدْ علمت أن الحرب دول، فلا ندري لعلها تدول عَلَيْك، وَقَدِ اتخذنا بين أظهر هَؤُلاءِ القوم أموالا، فإن ظفروا أهلكونا وأهلكوها، فلم تبق لك باقية وَقَالَ لَهُ أخوه عَبْد اللَّهِ لأبيه وأمه مرجانة: وَاللَّهِ لَئِنْ قاتلت القوم لأعتمدن عَلَى ظبة السيف حَتَّى يخرج من صلبي فلما رَأَى ذَلِكَ عُبَيْد اللَّهِ أرسل إِلَى حارث بن قيس بن صهبان بن عون بن علاج بن مازن بن أسود بن جهضم بن جذيمة بن مالك بن فهم، فَقَالَ لَهُ: يَا حار، إن أبي كَانَ أوصاني إن احتجت إِلَى الهرب يَوْمًا أن اختاركم، وإن نفسي تأبى غيركم، فَقَالَ الْحَارِث: قَدْ أبلوك فِي أبيك ما قد علمت، وابلوه فلم يجدوا عنده وَلا عندك مكافأة، وما لك مرد إذا اخترتنا، وما أدري كيف أتاني لك إن أخرجتك نهارا! إني أخاف أَلا أصل بك إِلَى قومي حَتَّى تقتل وأقتل، ولكني أقيم معك حَتَّى إذا وارى دمس دمسا وهدأت القدم، ردفت خلفي لئلا تعرف، ثُمَّ أخذتك عَلَى أخوالي بني ناجية،