رأيهما على أن يوليا المضري الهاشمي إِلَى أن يجتمع أمر الناس عَلَى إمام، فقيل فِي ذَلِكَ:
نزعنا وولينا وبكر بن وائل ... تجر خصاها تبتغي من تحالف
فلما أمروا ببة عَلَى الْبَصْرَة ولى شرطته هميان بن عدي السدوسي.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: وأما أَبُو عبيدة فإنه- فِيمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن علي، عن أبي سعدان، عنه- قص من خبر مسعود وعبيد اللَّه بن زياد وأخيه غير القصة الَّتِي قصها وهب بن جرير، عمن روى عَنْهُمْ خبرهم، قال: حدثنى مسلمه ابن محارب بن سلم بن زياد وغيره من آل زياد، عمن أدرك ذَلِكَ مِنْهُمْ ومن مواليهم والقوم أعلم بحديثهم، أن الْحَارِث بن قيس لم يكلم مسعودا، ولكنه آمن عُبَيْد اللَّهِ، فحمل مَعَهُ مائة ألف درهم، ثُمَّ أتى بِهَا إِلَى أم بسطام امرأة مسعود، وَهِيَ بنت عمه، وَمَعَهُ عُبَيْد اللَّهِ وعبد اللَّه ابنا زياد، فاستأذن عَلَيْهَا، فأذنت لَهُ، فَقَالَ لها الْحَارِث: قَدْ أتيتك بأمر تسودين بِهِ نساءك وتتمين بِهِ شرف قومك، وتعجلين غنى ودنيا لك خاصة، هَذِهِ مائة ألف درهم فاقبضيها، فهي لك، وضمي عُبَيْد اللَّهِ قالت، إني أخاف أَلا يرضى مسعود بِذَلِكَ وَلا يقبله، فَقَالَ الْحَارِث: ألبسيه ثوبا من أثوابي، وأدخليه بيتك، وخلي بيننا وبين مسعود، فقبضت المال، وفعلت، فلما جَاءَ مسعود أخبرته، فأخذ برأسها، فخرج عُبَيْد اللَّهِ والحارث من حجلتها عَلَيْهِ، فَقَالَ عُبَيْد اللَّهِ: قَدْ أجارتني ابنة عمك عَلَيْك، وهذا ثوبك علي، وطعامك فِي بطني، وَقَدِ التف علي بيتك، وشهد لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَارِث، وتلطفا لَهُ حَتَّى رضي.
قَالَ أَبُو عبيدة: وأعطى عُبَيْد اللَّهِ الْحَارِث نحوا من خمسين ألفا، فلم يزل عُبَيْد اللَّهِ فِي بيت مسعود حَتَّى قتل مسعود، قَالَ أَبُو عبيدة: فَحَدَّثَنِي يَزِيد بن سمير الجرمي، عن سوار بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيد الجرمي، قَالَ: فلما هرب عُبَيْد اللَّهِ غبر أهل الْبَصْرَة بغير أَمِير، فاختلفوا فيمن يؤمرون عَلَيْهِم، ثُمَّ تراضوا برجلين يختاران لَهُمْ خيرة، فيرضون بِهَا إذا اجتمعا عَلَيْهَا، فتراضوا بقيس بن الهيثم السلمي، وبنعمان بن سفيان الراسبى- راسب بن جرم