للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال الأحنف: اما إذ أتوهم فلن يزالوا لَهُمْ أتباعا أذنابا.

قَالَ أَبُو عبيدة: فَحَدَّثَنِي هبيرة بن حدير، عن إِسْحَاق بن سويد، قَالَ:

فلما أن جرت بكر إِلَى نصر الأزد عَلَى مضر، وجددوا الحلف الأول، وأرادوا أن يسيروا، قالت الأزد: لا نسير معكم إلا أن يكون الرئيس منا، فرأسوا مسعودا عَلَيْهِم.

قَالَ أَبُو عبيدة: فَحَدَّثَنِي مسلمة بن محارب، قَالَ: قَالَ مسعود لعبيد اللَّه:

سر معنا حَتَّى نعيدك فِي الدار، فَقَالَ: مَا أقدر عَلَى ذَلِكَ، امض أنت، وأمر برواحله فشدوا عَلَيْهَا أدواتها وسوادها، وتزمل فِي أهبة السفر، وألقوا لَهُ كرسيا عَلَى باب مسعود، فقعد عَلَيْهِ، وسار مسعود، وبعث عُبَيْد اللَّهِ غلمانا لَهُ عَلَى الخيل مع مسعود، وَقَالَ لَهُمْ: إني لا أدري مَا يحدث فأقول: إذا كَانَ كذا، فليأتني بعضكم بالخبر، ولكن لا يحدثن خير وَلا شر إلا أتاني بعضكم بِهِ، فجعل مسعود لا يأتي عَلَى سكة، وَلا يتجاوز قبيلة إلا أتى بعض أُولَئِكَ الغلمان بخبر ذَلِكَ، وقدم مسعود رَبِيعَة، وعليهم مالك بن مسمع، فأخذوا جميعا سكة المربد، فَجَاءَ مسعود حَتَّى دخل المسجد، فصعد الْمِنْبَر، وعبد اللَّه بن الْحَارِث فِي دار الإمارة، فقيل لَهُ: إن مسعودا وأهل اليمن وربيعة قَدْ ساروا، وسيهيج بين الناس شر، فلو أصلحت بينهم أو ركبت في بنى تميم عليهم! فقال: أبعدهم اللَّه! لا وَاللَّهِ لا أفسدت نفسي فِي إصلاحهم، وجعل رجل من أَصْحَاب مسعود يقول:

لأنكحن ببه ... جارية فِي قبه

تمشط رأس لعبه.

فهذا قول الأزد وربيعة، فأما مضر فيقولون: إن أمه هند بنت أبي سُفْيَان كَانَتْ ترقصه وتقول هَذَا، فلما لم يحل أحد بين مسعود وبين صعود الْمِنْبَر، خرج مالك بن مسمع فِي كتيبته حَتَّى علا الجبان من سكة المربد، ثُمَّ جعل يمر بعداد دور بني تميم حَتَّى دخل سكة بني العدوية من قبل الجبان، فجعل يحرق دورهم للشحناء الَّتِي فِي صدورهم، لقتل الضبي اليشكري، ولاستعراض ابن خازم رَبِيعَة بهراة، قَالَ: فبينا هُوَ فِي ذَلِكَ إذ أتوه فقالوا: قتلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>