وخرجت مع بني تميم قيس، وخرج مع الأزد مالك بن مسمع وبكر بن وائل فأقبلوا نحو بني تميم وأقبلت تميم إِلَى الأحنف يقولون: قَدْ جَاءَ القوم، اخرج وَهُوَ متمكث، إذ جاءته امرأة من قومه بمجمر فَقَالَتْ: يَا أحنف اجلس عَلَى هَذَا، أي إنما أنت امرأة، فَقَالَ: استك أحق بِهَا، فما سمع منه بعد كلمه كانت رافث منها، وَكَانَ يعرف بالحلم ثُمَّ إنه دعا برايته فَقَالَ: اللَّهُمَّ انصرها وَلا تذللها، وإن نصرتها أَلا يظهر بِهَا وَلا يظهر عَلَيْهَا، اللَّهُمَّ احقن دماءنا، وأصلح ذات بيننا ثُمَّ سار وسار ابن أخيه إياس بن مُعَاوِيَة بين يديه، فالتقى القوم فاقتتلوا أشد القتال، فقتل من الفريقين قتلى كثيرة، فَقَالَتْ لَهُمْ بنو تميم: اللَّه اللَّه يَا معشر الأزد فِي دمائنا ودمائكم! بيننا وبينكم القرآن ومن شئتم من أهل الإِسْلام، فإن كَانَتْ لكم علينا بينة أنا قتلنا صاحبكم، فاختاروا أفضل رجل فينا فاقتلوه بصاحبكم، وإن لم تكن لكم بينه فانا نحلف بِاللَّهِ مَا قتلنا وَلا أمرنا، وَلا نعلم لصاحبكم قاتلا، وإن لم تريدوا ذَلِكَ فنحن ندي صاحبكم بمائة ألف درهم فاصطلحوا، فأتاهم الأحنف بن قيس فِي وجوه مضر إِلَى زياد بن عَمْرو العتكي، فَقَالَ:
يَا معشر الأزد، أنتم جيرتنا فِي الدار، وإخوتنا عِنْدَ القتال، وَقَدْ آتيناكم فِي رحالكم لإطفاء حشيشتكم، وسل سخيمتكم، ولكم الحكم مرسلا، فقولوا عَلَى أحلامنا وأموالنا، فإنه لا يتعاظمنا ذهاب شَيْء من أموالنا كَانَ فِيهِ صلاح بيننا، فَقَالُوا: أتدون صاحبنا عشر ديات؟ قَالَ: هي لكم، فانصرف الناس واصطلحوا، فَقَالَ الهيثم بن الأَسْوَدِ: