للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ فَزِعَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَابْتَغَيْتُ لَكُمْ سِتَّةً فِي الشُّورَى مِثْلَ سِتَّةَ عُمَرَ، فَلَمْ أَجِدْهَا، فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِأَمْرِكُمْ، فَاخْتَارُوا لَهُ مَنْ أَحْبَبْتُمْ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَتَغَيَّبَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: دُسَّ إِلَيْهِ فَسُقِيَ سُمًّا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: طُعِنَ.

رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ عَوَانَةَ ثُمَّ قَدِمَ عُبَيْدُ الله بن زياد دمشق وعليها الضحاك ابن قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، فَثَارَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِلابِيُّ بِقِنَّسْرِينَ يُبَايِعُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَايَعَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيُّ بِحِمْصَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، وكان حسان ابن مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ بِفِلَسْطِينَ عَامِلا لِمُعَاوِيَةَ بن ابى سفيان، ثم ليزيد ابن مُعَاوِيَةَ بَعْدَهُ، وَكَانَ يَهْوَى هَوَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ فِلَسْطِينَ، فَدَعَا حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيَّ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْتَخْلِفُكَ عَلَى فِلَسْطِينَ، وَأَدْخُلَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ، وَلَسْتَ بِدُونِ رجل إذ كنت عينهم قَاتَلْتَ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ قَوْمِكَ وَخَرَجَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى الأُرْدُنِّ وَاسْتَخْلَفَ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ عَلَى فِلَسْطِينَ، فَثَارَ نَاتِلُ بْنُ قَيْسٍ بِرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ فَأَخْرَجَهُ، فَاسْتَوْلَى عَلَى فِلَسْطِينَ، وَبَايَعَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَنْفِيَ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَنُفُوا بِعِيَالاتِهِمْ وَنِسَائِهِمْ إِلَى الشَّامِ، فَقَدِمَتْ بَنُو أُمَيَّةَ دِمَشْقَ وَفِيهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، فَكَانَ النَّاسُ فَرِيقَيْنِ:

حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ بِالأُرْدُنِّ يَهْوَى هَوَى بَنِي اميه، ويدعو اليهم، والضحاك ابن قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ بِدِمَشْقَ يَهْوَى هَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ.

قَالَ: فَقَامَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ بِالأُرْدُنِّ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الأُرْدُنِّ، مَا شَهَادَتُكُمْ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلَى قَتْلَى أَهْلِ الْحَرَّةِ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ مُنَافِقٌ وَأَنَّ قَتْلَى أَهْلِ الْحَرَّةِ فِي النَّارِ، قَالَ: فَمَا شَهَادَتُكُمْ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَقَتْلاكُمْ بِالْحَرَّةِ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ يَزِيدَ عَلَى الْحَقِّ، وَأَنَّ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ لَئِنْ كَانَ دِينُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ حَيٌّ حَقًّا يَوْمَئِذٍ إِنَّهُ الْيَوْمَ وَشِيعَتَهُ عَلَى حَقٍّ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَشِيعُتُهُ عَلَى بَاطِلٍ إِنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى بَاطِلٍ وَشِيعَتَهُ، قَالُوا لَهُ: قَدْ صَدَقْتَ، نَحْنُ نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ نُقَاتِلَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>