للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ، فإن اضطررتم إِلَى القتال قاتلتم، فأبوا وخرجوا مِنَ الْمَدِينَةِ فخندقوا خندقا دونها، فقاتلهم ابن خازم نحوا من سنة.

قَالَ وزعم الأحنف بن الأشهب الضبي، وأخبرنا أَبُو الذيال زهير بن الهنيد، سار ابن خازم إِلَى هراة وفيها جمع كثير لبكر بن وائل قَدْ خندقوا عَلَيْهِم، وتعاقدوا عَلَى إخراج مضر إن ظفروا بخراسان، فنزل بهم ابن خازم، فَقَالَ لَهُ هلال الضبي أحد بني ذهل، ثُمَّ أحد بني أوس: إنما تقاتل إخوتك من بني أبيك، وَاللَّهِ إن نلت مِنْهُمْ فما تريد مَا فِي العيش بعدهم من خير، وَقَدْ قتلت بمرو الروذ مِنْهُمْ من قتلت، فلو أعطيتهم شَيْئًا يرضون بِهِ، أو أصلحت هَذَا الأمر! قَالَ: وَاللَّهِ لو خرجت لَهُمْ عن خُرَاسَان مَا رضوا بِهِ، ولو استطاعوا أن يخرجوكم من الدُّنْيَا لأخرجوكم، قَالَ لا، وَاللَّهِ لا أرمي معك بسهم، وَلا رجل يطيعني من خندف حَتَّى تعذر إِلَيْهِم، قَالَ: فأنت رسولي إِلَيْهِم فأرضهم، فأتى هلال إِلَى أوس بن ثعلبة فناشده اللَّه والقرابة، وَقَالَ: أذكرك اللَّه فِي نزار أن تسفك دماءها، وتضرب بعضها ببعض! قَالَ: لقيت بني صهيب؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ، قَالَ: فالقهم، فخرج فلقي أرقم بن مطرف الحنفي، وضمضم بن يَزِيدَ- أو عَبْد اللَّهِ بن ضمضم بن يَزِيدَ- وعاصم بن الصلت بن الحريث الحنفيين، وجماعة من بكر بن وائل وكلمهم بمثل مَا كلم بِهِ أوسا، فَقَالُوا: هل لقيت بني صهيب؟ فَقَالَ: لقد عظم اللَّه أمر بني صهيب عندكم، لا لم ألقهم، قَالُوا: القهم، فأتى بني صهيب فكلمهم، فَقَالُوا: لولا أنك رسول لقتلناك، قَالَ: أفما يرضيكم شَيْء؟

قَالُوا: واحدة من اثنتين، إما أن تخرجوا عن خُرَاسَان وَلا يدعو فِيهَا لمضر داع، وإما أن تقيموا وتنزلوا لنا عن كل كراع وسلاح وذهب وفضة، قَالَ:

أفما شَيْء غير هاتين؟ قَالُوا: لا، قَالَ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ! فرجع إِلَى ابن خازم، فَقَالَ: مَا عندك؟ قَالَ: وجدت إخوتنا قطعا للرحم، قَالَ:

قَدْ أخبرتك أن رَبِيعَة لم تزل غضابا عَلَى ربها منذ بعث الله النبي ص من مضر

<<  <  ج: ص:  >  >>