للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مخنف: فحدثت سُلَيْمَان بن أبي راشد بهذا الحديث، فَقَالَ:

حَدَّثَنِي حميد بن مسلم، قَالَ: وَاللَّهِ إني لشاهد بهذا الْيَوْم، يوم ولوا سليمان ابن صرد، وإنا يَوْمَئِذٍ لأكثر من مائة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم فِي داره.

قَالَ: فتكلم سُلَيْمَان بن صرد فشدد، وما زال يردد ذَلِكَ القول فِي كل جمعة حَتَّى حفظته، بدأ فَقَالَ: أثني عَلَى اللَّه خيرا، وأحمد آلاءه وبلاءه، وأشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسوله، أَمَّا بَعْدُ، فإني وَاللَّهِ لخائف أَلا يكون آخرنا إِلَى هَذَا الدهر الَّذِي نكدت فِيهِ المعيشة، وعظمت فِيهِ الرزية وشمل فِيهِ الجور أولي الفضل من هَذِهِ الشيعة لما هُوَ خير، أنا كنا نمد أعناقنا إِلَى قدوم آل نبينا، ونمنيهم النصر، ونحثهم عَلَى القدوم، فلما قدموا ونينا وعجزنا، وأدهنا، وتربصنا، وانتظرنا مَا يكون حتى قتل فينا ولد نبينا وسلالته وعصارته وبضعة من لحمه ودمه، إذ جعل يستصرخ فلا يصرخ، ويسأل النصف فلا يعطاه، اتخذه الفاسقون غرضا للنبل، ودرية للرماح حَتَّى أقصدوه، وعدوا عَلَيْهِ فسلبوه أَلا انهضوا فقد سخط ربكم، وَلا ترجعوا إِلَى الحلائل والأبناء حَتَّى يرضى اللَّه، وَاللَّهِ مَا أظنه راضيا دون أن تناجزوا من قتله، أو تبيروا أَلا لا تهابوا الموت فو الله مَا هابه امرؤ قط إلا ذل، كونوا كالأولى من بني إسرائيل إذ قَالَ لَهُمْ نبيهم: «إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ» ، فما فعل القوم؟ جثوا عَلَى الركب وَاللَّهِ، ومدوا الأعناق ورضوا بالقضاء حَتَّى حين علموا أنه لا ينجيهم من عظيم الذنب إلا الصبر عَلَى القتل، فكيف بكم لو قَدْ دعيتم إِلَى مثل مَا دعي القوم إِلَيْهِ! اشحذوا السيوف، وركبوا الأسنة، «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ» ، حَتَّى تدعوا حين تدعون وتستنفرون

<<  <  ج: ص:  >  >>