للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: «وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ» ، فقد حرم اللَّه ولايتهم، والمقام بين أظهرهم، وإجازة شهادتهم، وأكل ذبائحهم وقبول علم الدين عَنْهُمْ، ومناكحتهم، ومواريثهم، وَقَدِ احتج اللَّه علينا بمعرفة هَذَا، وحق علينا أن نعلم هَذَا الدين الَّذِينَ خرجنا من عندهم، وَلا نكتم مَا أنزل اللَّه، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يقول: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ» ، فاستجاب لَهُ إِلَى هَذَا الرأي جميع أَصْحَابه.

فكتب: من عبيد اللَّهِ نافع بن الأزرق إِلَى عَبْد اللَّهِ بن صفار وعبد الله ابن إباض ومن قبلهما مِنَ النَّاسِ سلام عَلَى أهل طاعة اللَّه من عباد اللَّه، فإن من الأمر كيت وكيت، فقص هَذِهِ القصة، ووصف هَذِهِ الصفة، ثُمَّ بعث بالكتاب إليهما فأتيا بِهِ، فقرأه عَبْد اللَّهِ بن صفار، فأخذه فوضعه خلفه، فلم يقرأه عَلَى الناس خشية أن يتفرقوا ويختلفوا، فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّهِ بن إباض: مَا لك لِلَّهِ أبوك! اى شيء اصبت! اان قَدْ أصيب إخواننا، أو أسر بعضهم! فدفع الكتاب إِلَيْهِ، فقرأه، فَقَالَ: قاتله اللَّه!، أي راى راى! صدق نافع ابن الأزرق، لو كَانَ القوم مشركين كَانَ أصوب الناس رأيا وحكما فِيمَا يشير بِهِ، وكانت سيرته كسيره النبي ص فِي المشركين، ولكنه قَدْ كذب وكذبنا فِيمَا يقول، إن القوم كفار بالنعم والأحكام، وهم برآء من الشرك، وَلا تحل لنا إلا دماؤهم، وما سوى ذَلِكَ من أموالهم فهو علينا حرام، فقال ابن صفار: برئ اللَّه مِنْكَ، فقد قصرت، وبرئ اللَّه من ابن الأزرق فقد غلا، برئ اللَّه منكما جميعا، وَقَالَ الآخر:

فبرئ اللَّه مِنْكَ ومنه.

وتفرق القوم، واشتدت شوكة ابن الأزرق، وكثرت جموعه، وأقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>