للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا صلينا العتمة أتيناه، واتعدنا الحجر.

قَالَ: فنهضت من عنده، فخرجت ثُمَّ رجعت إِلَى ابن الزُّبَيْر، فأخبرته بِمَا كَانَ من قولي وقوله، فسر بِذَلِكَ، فلما صلينا العتمة، التقينا بالحجر، ثُمَّ خرجنا حَتَّى أتينا منزل ابن الزُّبَيْر، فاستأذنا عَلَيْهِ، فأذن لنا، فقلت:

أخليكما؟ فقالا جميعا: لا سر دونك، فجلست، فإذا ابن الزُّبَيْر قَدْ أخذ بيده، فصافحه ورحب بِهِ، فسأله عن حاله وأهل بيته، وسكتا جميعا غير طويل.

فَقَالَ لَهُ المختار وأنا أسمع بعد أن تبدأ فِي أول منطقه، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنه لا خير فِي الإكثار من المنطق، وَلا فِي التقصير عن الحاجة، إني قَدْ جئتك لأبايعك على أَلا تقضي الأمور دوني، وعلى أن أكون فِي أول من تأذن لَهُ، وإذا ظهرت استعنت بي عَلَى أفضل عملك فَقَالَ لَهُ ابن الزُّبَيْر: أبايعك عَلَى كتاب اللَّه وسنة نبيه ص، فَقَالَ: وشر غلماني أنت مبايعه عَلَى كتاب اللَّه وسنة نبيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لي فِي هَذَا الأمر من الحظ مَا ليس لأقصى الخلق مِنْكَ، لا وَاللَّهِ لا أبايعك أبدا إلا عَلَى هَذِهِ الخصال.

قَالَ عباس بن سهل: فالتقمت أذن ابن الزُّبَيْر، فقلت لَهُ: اشتر مِنْهُ دينه حَتَّى ترى من رأيك، فَقَالَ لَهُ ابن الزُّبَيْر: فإن لك مَا سألته، فبسط يده فبايعه، ومكث مَعَهُ حَتَّى شاهد الحصار الأول حين قدم الحصين بن نمير السكوني مكة، فقاتل فِي ذَلِكَ الْيَوْم، فكان من أحسن الناس يَوْمَئِذٍ بلاء، وأعظمهم غناء فلما قتل المنذر بن الزُّبَيْرِ والمسور بن مخرمة ومُصْعَب بن عبد الرحمن ابن عوف الزُّهْرِيّ، نادى المختار: يَا أهل الإِسْلام، الى الى! انا ابن ابى عبيد ابن مسعود، وأنا ابن الكرار لا الفرار، أنا ابن المقدمين غير المحجمين، إلي يَا أهل الحفاظ وحماة الأوتار فحمى الناس يَوْمَئِذٍ، وأبلى وقاتل قتالا حسنا

<<  <  ج: ص:  >  >>