فخرج إلي رجل وإليه رجل آخر، فمشيت إِلَى صاحبي فأقتله، ومشى المختار إِلَى صاحبه فقتله، ثم صحنا باصحابنا، وشددنا عليهم، فو الله لضربناهم حَتَّى أخرجناهم من السكك كلها، ثُمَّ رجعنا إِلَى صاحبينا اللذين قتلنا قَالَ:
فإذا الَّذِي قتلت رجل أحمر شديد الحمرة كأنه رومي، وإذا الَّذِي قتل المختار رجل أسود شديد السواد، فَقَالَ لي المختار: تعلم وَاللَّهِ أني لأظن قتيلينا هَذَيْنِ عبدين، ولو أن هَذَيْنِ قتلانا لفجع بنا عشائرنا ومن يرجونا، وما هَذَانِ وكلبان من الكلاب عندي إلا سواء، وَلا أخرج بعد يومي هَذَا لرجل أبدا إلا لرجل أعرفه، فقلت لَهُ: وأنا وَاللَّهِ لا أخرج إلا لرجل أعرفه.
وأقام المختار مع ابن الزُّبَيْر حَتَّى هلك يَزِيد بن مُعَاوِيَة، وانقضى الحصار، ورجع أهل الشام إِلَى الشام، واصطلح أهل الْكُوفَة عَلَى عَامِر بن مسعود، بعد ما هلك يَزِيد يصلي بهم حَتَّى يجتمع الناس عَلَى إمام يرضونه، فلم يلبث عَامِر إلا شهرا حَتَّى بعث ببيعته وبيعة أهل الْكُوفَة إِلَى ابن الزُّبَيْر، وأقام المختار مع ابن الزُّبَيْر خمسة أشهر بعد مهلك يَزِيد وأياما.
قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي عَبْد الْمَلِكِ بن نوفل بن مساحق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرو بن سَعِيد بن الْعَاصِ، قَالَ: وَاللَّهِ إني لمع عَبْد اللَّهِ بن الزبير ومعه عبد الله ابن صفوان بن أُمَيَّة بن خلف، ونحن نطوف بالبيت، إذ نظر ابن الزُّبَيْر فإذا هُوَ بالمختار، فقال لابن صفوان: انظر اليه، فو الله لهو أحذر من ذئب قَدْ أطافت بِهِ السباع، قَالَ: فمضى ومضينا مَعَهُ، فلما قضينا طوافنا وصلينا الركعتين بعد الطواف لحقنا المختار، فَقَالَ لابن صفوان: مَا الَّذِي ذكرني بِهِ ابن الزُّبَيْر؟ قَالَ: فكتمه، وَقَالَ: لم يذكرك إلا بخير، قَالَ: بلى ورب هَذِهِ البنية إن كنت لمن شأنكما، أما وَاللَّهِ ليخطن فِي أثري أو لأقدنها عَلَيْهِ سعرا فأقام مَعَهُ خمسة أشهر، فلما رآه لا يستعمله جعل لا يقدم عَلَيْهِ أحد من الْكُوفَة إلا سأله عن حال الناس وهيئتهم.
قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي عطية بن الْحَارِث أَبُو روق الهمدانى، ان هانئ ابن أبي حية الوادعي قدم مكة يريد عمرة رمضان، فسأله المختار عن حاله