عَلَيْكُمْ من سُلَيْمَان بن صرد، إن سُلَيْمَان إنما خرج يقاتل عدوكم، ويذللهم لكم، وَقَدْ خرج عن بلادكم، وإن المختار إنما يريد أن يثب عَلَيْكُمْ فِي مصركم، فسيروا إِلَيْهِ فأوثقوه فِي الحديد، وخلدوه فِي السجن حَتَّى يستقيم أمر الناس، فخرجوا إِلَيْهِ فِي الناس، فما شعر بشيء حَتَّى أحاطوا بِهِ وبداره فاستخرجوه، فلما رَأَى جماعتهم قَالَ: مَا بالكم! فو الله بعد مَا ظفرت أكفكم! قَالَ:
فَقَالَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بْنِ طَلْحَة بن عُبَيْد اللَّهِ لعبد اللَّه بن يَزِيدَ: شده كتافا، ومشه حافيا، فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّهِ بن يَزِيدَ: سبحان اللَّه! مَا كنت لأمشيه وَلا لأحفيه وَلا كنت لأفعل هَذَا برجل لم يظهر لنا عداوة وَلا حربا، وإنما أخذناه عَلَى الظن فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد: ليس بعشك فادرجي، مَا أنت وما يبلغنا عنك يا بن أبي عبيد! فَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي بلغك عني إلا باطل، وأعوذ بِاللَّهِ من غش كغش ابيك وجدك! قال: قال فضيل: فو الله إني لأنظر إِلَيْهِ حين أخرج وأسمع هَذَا القول حين قَالَ لَهُ، غير أني لا أدري أسمعه مِنْهُ إِبْرَاهِيم أم لم يسمعه، فسكت حين تكلم بِهِ، قَالَ: وأتى المختار ببغلة دهماء يركبها، فَقَالَ إِبْرَاهِيم لعبد اللَّه بن يَزِيدَ: أَلا تشد عَلَيْهِ القيود؟ فَقَالَ: كفى لَهُ بالسجن قيدا.
قَالَ أَبُو مخنف: وأما يَحْيَى بن أبي عِيسَى فَحَدَّثَنِي أنه قَالَ: دخلت إِلَيْهِ مع حميد بن مسلم الأَزْدِيّ نزوره ونتعاهده، فرأيته مقيدا، قَالَ: فسمعته يقول: أما ورب البحار، والنخيل والأشجار، والمهامه والقفار، والملائكة الأبرار، والمصطفين الأخيار، لأقتلن كل جبار، بكل لدن خطار، ومهند بتار، فِي جموع من الأنصار، ليسوا بميل أغمار، وَلا بعزل أشرار، حَتَّى إذا أقمت عمود الدين، ورأبت شعب صدع الْمُسْلِمِينَ، وشفيت