قاتلناهم جميعا فَقَالَ سُلَيْمَان لزفر: قَدْ أرادنا أهل مصرنا عَلَى مثل مَا أردتنا عَلَيْهِ، وذكروا مثل الَّذِي ذكرت، وكتبوا إلينا بِهِ بعد ما فصلنا، فلم يوافقنا ذَلِكَ، فلسنا فاعلين، فَقَالَ زفر: فانظروا مَا أشير بِهِ عَلَيْكُمْ فاقبلوه، وخذوا بِهِ، فإني للقوم عدو، وأحب أن يجعل اللَّه عَلَيْهِم الدائرة، وأنا لكم واد، أحب أن يحوطكم اللَّه بالعافية، إن القوم قَدْ فصلوا من الرقة، فبادروهم إِلَى عين الوردة، فاجعلوا الْمَدِينَة فِي ظهوركم، ويكون الرستاق والماء والماد فِي أيديكم، وما بين مدينتنا ومدينتكم فأنتم لَهُ آمنون، وَاللَّهِ لو أن خيولي كرجالي لأمددتكم، اطووا المنازل الساعة إِلَى عين الوردة، فإن القوم يسيرون سير العساكر، وَأَنْتُمْ عَلَى خيول، وَاللَّهِ لقل مَا رأيت جماعة خيل قط أكرم منها، تأهبوا لها من يومكم هَذَا فإني أرجو أن تسبقوهم إِلَيْهَا، وإن بدرتموهم إِلَى عين الوردة فلا تقاتلوهم فِي فضاء ترامونهم وتطاعنونهم، فأنهم أكثر مِنْكُمْ فلا آمن أن يحيطوا بكم، فلا تقفوا لَهُمْ ترامونهم وتطاعنونهم، فإنه ليس لكم مثل عددهم، فإن استهدفتم لَهُمْ لم يلبثوكم أن يصرعوكم، وَلا تصفوا لَهُمْ حين تلقونهم، فإني لا ارى معكم رجاله، ولا أراكم كلكم إلا فرسانا، والقوم لاقوكم بالرجال والفرسان، فالفرسان تحمي رجالها، والرجال تحمي فرسانها، وَأَنْتُمْ ليس لكم رجال تحمي فرسانكم، فالقوهم فِي الكتائب والمقانب، ثُمَّ بثوها مَا بين ميمنتهم وميسرتهم، واجعلوا مع كل كتيبة كتيبة إِلَى جانبها فإن حمل عَلَى إحدى الكتيبتين ترجلت الأخرى فنفست عنها الخيل والرجال، ومتى مَا شاءت كتيبة ارتفعت، ومتى مَا شاءت كتيبة انحطت، ولو كنتم فِي صف واحد فزحفت إليكم الرجال فدفعتم عن الصف انتقض وكانت الهزيمة، ثُمَّ وقف فودعهم، وسأل اللَّه أن يصحبهم وينصرهم فأثنى الناس عَلَيْهِ، ودعوا لَهُ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان بن صرد: نعم المنزول بِهِ أنت! أكرمت النزول، وأحسنت الضيافة، ونصحت في المشورة ثم ان القوم وجدوا فِي المسير، فجعلوا يجعلون كل مرحلتين مرحلة، قَالَ: فمررنا بالمدن حَتَّى