قال ابو مخنف: فحدثني أبي عن حميد بن مسلم أنه قَالَ: اشهد انى في خيل المسيب بن نجبة تِلَكَ، إذ أقبلنا نسير آخر يومنا كله وليلتنا، حَتَّى إذا كَانَ فِي آخر السحر نزلنا فعلقنا عَلَى دوابنا مخاليها، ثُمَّ هومنا تهويمة بمقدار تكون مقدار قضمها ثُمَّ ركبناها، حَتَّى إذا انبلج لنا الصبح نزلنا فصلينا، ثُمَّ ركب فركبنا فبعث أبا الجويرية العبدي بن الأحمر فِي مائة من أَصْحَابه، وعبد اللَّه بن عوف بن الأحمر فِي مائة وعشرين، وحنش بن رَبِيعَة أبا المعتمر الكناني فِي مثلها، وبقي هُوَ فِي مائة، ثُمَّ قَالَ: انظروا أول من تلقون فأتوني بِهِ، فكان أول من لقينا أعرابي يطرد أحمرة وَهُوَ يقول:
قَالَ: يقول عَبْد اللَّهِ بن عوف بن الأحمر: يَا حميد بن مسلم، أبشر بشرى ورب الكعبة، فَقَالَ لَهُ ابن عوف بن الأحمر: ممن أنت يَا أعرابي؟
قَالَ: أنا من بني تغلب، قَالَ: غلبتم ورب الكعبة إِنْ شَاءَ اللَّهُ فانتهى إلينا المسيب بن نجبة، فأخبرناه بِالَّذِي سمعنا من الأعرابي وأتيناه به، فقال المسيب ابن نجبة أما لقد سررت بقولك: أبشر، وبقولك: يَا حميد بن مسلم، وإني لأرجو أن تبشروا بِمَا يسركم، وإنما سركم أن تحمدوا أمركم، وأن تسلموا من عدوكم، وإن هَذَا الفأل لهو الفأل الْحَسَن، وَقَدْ كَانَ رَسُول الله ص يعجبه الفأل ثُمَّ قَالَ المسيب بن نجبة للأعرابي: كم بيننا وبين أدنى هَؤُلاءِ القوم منا؟ قَالَ: أدنى عسكر من عساكرهم مِنْكَ عسكر ابن ذي الكلاع، وَكَانَ بينه وبين الحصين اختلاف، ادعى الحصين أنه عَلَى جماعة الناس، وَقَالَ ابن ذي الكلاع: مَا كنت لتولى علي، وَقَدْ تكاتبا إِلَى عُبَيْد اللَّهِ بن زياد، فهما ينتظران أمره، فهذا عسكر ابن ذي الكلاع مِنْكُمْ عَلَى رأس ميل، قال: فتركنا الرجل، فخرجنا نحوهم مسرعين، فو الله مَا شعروا حَتَّى أشرفنا عَلَيْهِم وهم غارون، فحملنا في جانب عسكرهم فو الله مَا قاتلوا كثير قتال حَتَّى انهزموا، فأصبنا مِنْهُمْ رجالا، وجرحنا فِيهِمْ