للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى مَا ساء أعينهم، فَقَالَ لَهُمْ عَبْد اللَّهِ بن نفيل: إنا لهذا خرجنا، ثُمَّ اقتتلنا فما اضطربنا إلا ساعة حَتَّى قتل المزني، وطعن الحنفي فوقع بين القتلى، ثُمَّ ارتث بعد ذَلِكَ فنجا، وطعن الطَّائِيّ فجزم أنفه، فقاتل قتالا شديدا، وَكَانَ فارسا شاعرا، فأخذ يقول:

قَدْ علمت ذات القوام الرود ... أن لست بالواني وَلا الرعديد

يَوْمًا وَلا بالفرق الحيود.

قَالَ: فحمل علينا رَبِيعَة بن المخارق حملة منكرة، فاقتتلنا قتالا شديدا.

ثُمَّ إنه اختلف هُوَ وعبد اللَّه بن سَعْدِ بْنِ نفيل ضربتين، فلم يصنع سيفاهما شَيْئًا، واعتنق كل واحد منهما صاحبه، فوقعا إِلَى الأرض، ثُمَّ قاما فاضطربا، ويحمل ابن أخي رَبِيعَة بن المخارق عَلَى عَبْد اللَّهِ بن سَعْدٍ، فطعنه فِي ثغرة نحره، فقتله، ويحمل عَبْد اللَّهِ بن عوف بن الأحمر عَلَى رَبِيعَة بن المخارق، فطعنه فصرعه فلم يصب مقتلا، فقام فكر عَلَيْهِ الثانية، فطعنه أَصْحَاب رَبِيعَة فصرعوه، ثُمَّ إن أَصْحَابه استنقذوه وَقَالَ خَالِد بن سَعْدِ بْنِ نفيل: أروني قاتل أخي، فأريناه ابن أخي رَبِيعَة بن المخارق، فحمل عَلَيْهِ فقنعه بالسيف واعتنقه الآخر فخر إِلَى الأرض، فحمل أَصْحَابه وحملنا، وكانوا أكثر منا فاستنقذوا صاحبهم، وقتلوا صاحبنا، وبقيت الراية ليس عندها أحد.

قَالَ: فنادينا عَبْد اللَّهِ بن وال بعد قتلهم فرساننا، فإذا هُوَ قَدِ استلحم فِي عصابة مَعَهُ إِلَى جانبنا، فحمل عَلَيْهِ رفاعة بن شداد، فكشفهم عنه، ثُمَّ أقبل إِلَى رايته وَقَدْ أمسكها عَبْد الله بن خازم الكثيرى، فَقَالَ لابن وال:

أمسك عني رايتك، قَالَ: أمسكها عني رحمك اللَّه، فإني بي مثل حالك فَقَالَ لَهُ: أمسك عني رايتك، فإني أريد أن أجاهد، قَالَ: فإن هَذَا الَّذِي أنت فِيهِ جهاد وأجر، قَالَ: فصحنا: يَا أَبَا عزة، أطع أميرك يرحمك اللَّه! قَالَ: فأمسكها قليلا، ثُمَّ إن ابن وال أخذها مِنْهُ.

قَالَ أَبُو مخنف: قَالَ أَبُو الصلت التيمي الأعور: حَدَّثَنِي شيخ للحي

<<  <  ج: ص:  >  >>