للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ عددهم كثيرا، وأشرافهم كثيرا، وذكر أَنَّهُمْ قَدْ أقبلوا نحو الْبَصْرَة، وَقَدْ كنت وجهتك إِلَى خُرَاسَان، وكتبت لك عَلَيْهَا عهدا، وقد رايت حيث ذكر هَذِهِ الخوارج أن تكون أنت تلي قتالهم، فقد رجوت أن يكون ميمونا طائرك، مباركا عَلَى أهل مصرك، والأجر فِي ذَلِكَ أفضل من المسير إِلَى خُرَاسَان، فسر إِلَيْهِم راشدا، فقاتل عدو اللَّه وعدوك، ودافع عن حقك وحقوق أهل مصرك، فإنه لن يفوتك من سلطاننا خُرَاسَان وَلا غير خُرَاسَان إِنْ شَاءَ اللَّهُ، والسلام عَلَيْك ورحمة اللَّه فأتي بِذَلِكَ الكتاب، فلما قرأه قَالَ: فإني وَاللَّهِ لا أسير إِلَيْهِم إلا أن تجعلوا لي مَا غلبت عَلَيْهِ، وتعطوني من بيت المال مَا أقوي بِهِ من معي، وأنتخب من فرسان الناس ووجوههم وذوي الشرف من أحببت، فَقَالَ جميع أهل الْبَصْرَة: ذَلِكَ لك، قَالَ: فاكتبوا لي عَلَى الأخماس بِذَلِكَ كتابا ففعلوا، إلا مَا كَانَ من مالك بن مسمع وطائفة من بكر بن وائل، فاضطغنها عَلَيْهِم المهلب، وَقَالَ الأحنف وعبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان وأشراف أهل الْبَصْرَة للمهلب: وما عليك الا يكتب لك مالك بن مسمع وَلا من تابعه من أَصْحَابه، إذا أعطاك الَّذِي أردت من ذَلِكَ جميع أهل الْبَصْرَة! ويستطيع مالك خلاف جماعه الناس اوله ذَلِكَ! انكمش أيها الرجل، واعزم عَلَى أمرك، وسر إِلَى عدوك، ففعل ذَلِكَ المهلب، وأمر عَلَى الأخماس، فأمر عُبَيْد اللَّهِ بن زياد بن ظبيان عَلَى خمس بكر بن وائل، وامر الحريش ابن هلال السعدي عَلَى خمس بني تميم، وجاءت الخوارج حَتَّى انتهت إِلَى الجسر الأصغر، عَلَيْهِم عُبَيْد اللَّهِ بن الماحوز، فخرج إِلَيْهِم فِي أشراف الناس وفرسانهم ووجوههم، فحازهم عن الجسر، ودفعهم عنه، فكان أول شَيْء دفعهم عنه أهل الْبَصْرَة، ولم يكن بقي لَهُمْ إلا أن يدخلوا، فارتفعوا إِلَى الجسر الأكبر ثُمَّ انه عبا لَهُمْ، فسار إِلَيْهِم فِي الخيل والرجال، فلما أن رأوا أن قَدْ أظل عَلَيْهِم، وانتهى إِلَيْهِم، ارتفعوا فوق ذَلِكَ مرحلة أخرى، فلم يزل يحوزهم ويرفعهم مرحلة بعد مرحلة، ومنزلة بعد منزلة، حَتَّى انتهوا إِلَى منزل

<<  <  ج: ص:  >  >>