الرأي والاجتهاد والثبات على الطاعة، والطلب بدماء اهل البيت ع، إذ جاءته البشرى تترى يتبع بعضها بعضا بقتل عبيد الله بن زياد وهزيمة أصحابه، وأخذ عسكره، وقتل أشراف أهل الشام، فقال المختار: يا شرطة الله، ألم أبشركم بهذا قبل أن يكون! قالوا: بلى والله لقد قلت ذلك، قال:
فيقول لي رجل من بعض جيراننا من الهمدانيين: اتؤمن الآن يا شعبي؟
قال: قلت بأي شيء أومن؟ أومن بأن المختار يعلم الغيب! لا أومن بذلك ابدا قال: او لم يقل لنا: إنهم قد هزموا! فقلت له: إنما زعم لنا أنهم هزموا بنصيبين من أرض الجزيرة، وإنما هو بخازر من أرض الموصل، فقال: والله لا تؤمن يا شعبي حتى ترى العذاب الأليم، فقلت له: من هذا الهمداني الذي يقول لك هذا؟ فقال: رجل لعمري كان شجاعا- قتل مع المختار بعد ذلك يوم حروراء- يقال له: سلمان بن حمير من الثوريين من همدان، قال: وانصرف المختار إلى الكوفة، ومضى ابن الأشتر من عسكره إلى الموصل، وبعث عماله عليها، فبعث أخاه عبد الرحمن بن عبد الله على نصيبين، وغلب على سنجار ودارا، وما والاها من أرض الجزيرة، وخرج أهل الكوفة الذين كان المختار قاتلهم فهزمهم، فلحقوا بمصعب بن الزبير بالبصرة وكان فيمن قدم على مصعب شبث بن ربعي، فقال سراقه ابن مرداس البارقي يمدح إبراهيم بن الأشتر وأصحابه في قتل عبيد الله ابن زياد:
أتاكم غلام من عرانين مذحج ... جري على الأعداء غير نكول
فيا بن زياد بؤ بأعظم مالك ... وذق حد ماضي الشفرتين صقيل
ضربناك بالعضب الحسام بحدة ... إذا ما أبأنا قاتلا بقتيل
جزى الله خيرا شرطة الله إنهم ... شفوا من عبيد الله أمس غليلى