فقال: قتل ابى وخمسمائة من همدان وأشراف العشيرة وأهل المصر ثم تخلي سبيلهم، ودماؤنا ترقرق في أجوافهم! اخترنا أو اخترهم ووثب كل قوم وأهل بيت كان أصيب منهم رجل فقالوا نحوا من هذا القول.
فلما رأى مصعب بن الزبير ذلك امر بقتلهم، فنادوه باجمعهم: يا بن الزبير، لا تقتلنا، اجعلنا مقدمتك إلى أهل الشام غدا، فو الله ما بك ولا بأصحابك عنا غدا غنى، إذا لقيتم عدوكم فإن قتلنا لم نقتل حتى نرقهم لكم، وإن ظفرنا بهم كان ذلك لك ولمن معك فأبى عليهم وتبع رضا العامة، فقال بجير المسلي: إن حاجتي إليك الا اقتل مع هؤلاء القوم إني أمرتهم أن يخرجوا بأسيافهم فيقاتلوا حتى يموتوا كراما فعصوني، فقدم فقتل.
قال أبو مخنف: وحدثني أبي، قال: حدثني أبو روق أن مسافر بن سعيد بن نمران قال لمصعب بن الزبير: يا بن الزبير، ما تقول لله إذا قدمت عليه وقد قتلت أمة من المسلمين صبرا! حكموك في دمائهم، فكان الحق في دمائهم الا تقتل نفسا مسلمة بغير نفس مسلمة، فإن كنا قتلنا عدة رجال منكم فاقتلوا عدة من قتلنا منكم، وخلوا سبيل بقيتنا، وفينا الآن رجال كثير لم يشهدوا موطنا من حربنا وحربكم يوما واحدا، كانوا في الجبال والسواد يجبون الخراج، ويؤمنون السبيل، فلم يستمع له، فقال: قبح الله قوما أمرتهم أن يخرجوا ليلا على حرس سكة من هذه السكك فنطردهم، ثم نلحق بعشائرنا، فعصوني حتى حملوني على أن أعطيت التي هي أنقص وأدنى وأوضع، وأبوا أن يموتوا إلا ميتة العبيد، فانا اسالك الا تخلط دمي بدمائهم فقدم فقتل ناحية.
ثم إن المصعب أمر بكف المختار فقطعت ثم سمرت بمسمار حديد إلى جنب المسجد، فلم يزل على ذلك حتى قدم الحجاج بن يوسف، فنظر إليها فقال: ما هذه؟ قالوا: كف المختار، فأمر بنزعها وبعث مصعب عماله على الجبال والسواد،