قال: فقام إليه رجل فقال، قد أحسن الأمير اصلحه الله الصفة، ولكن حتام نصنع هذا وهذا البحر بيننا وبين عدونا! مر بهذا الجسر فليعد كما كان، ثم اعبر بنا إليهم، فإن الله سيريك فيهم ما تحبه، فأمر بالجسر فأعيد، ثم عبر الناس إليهم فطاروا حتى انتهوا إلى المدائن، وجاء المسلمون حتى انتهوا إلى المدائن، وجاءت خيل لهم فطاردت خيلا للمسلمين طردا ضعيفا عند الجسر ثم إنهم خرجوا منها فأتبعهم الحارث بن أبي ربيعة عبد الرحمن بن مخنف في ستة آلاف ليخرجهم من أرض الكوفة، فإذا وقعوا في أرض البصرة خلاهم فأتبعهم حتى إذا خرجوا من أرض الكوفة ووقعوا إلى أصبهان انصرف عنهم ولم يقاتلهم، ولم يكن بينه وبينهم قتال، ومضوا حتى نزلوا بعتاب بن ورقاء بحى، فأقاموا عليه وحاصروه، فخرج إليهم فقاتلهم فلم يطقهم، وشدوا على أصحابه حتى دخلوا المدينة، وكانت أصبهان يومئذ طعمة لإسماعيل بن طلحة من مصعب بن الزبير، فبعث عليها عتابا، فصبر لهم عتاب، وأخذ يخرج إليهم في كل أيام فيقاتلهم على باب المدينة، ويرمون من السور بالنبل والنشاب والحجارة، وكان مع عتاب رجل من حضرموت يقال له أبو هُرَيْرَةَ بن شريح، فكان يخرج مع عتاب، وكان شجاعا، فكان يحمل عليهم ويقول:
كيف ترون يا كلاب النار شد أبي هُرَيْرَةَ الهرار يهركم بالليل والنهار يا بن أبي الماحوز والأشرار كيف ترى جي على المضمار.
فلما طال ذلك على الخوارج من قوله كمن له رجل من الخوارج يظنون أنه عبيدة بن هلال، فخرج ذات يوم فصنع كما كان يصنع، ويقول كما كان يقول، إذ حمل عليه عبيدة بن هلال فضربه بالسيف ضربة على حبل عاتقه فصرعه، وحمل أصحابه عليه فاحتملوه فأدخلوه