فبلغ قوله مصعبا، فقال: هذا من الذين يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا وأقام عبيد الله في السواد يغير ويجبي الخراج، فقال ابن الحر في ذلك:.
سلوا ابن رؤيم عن جلادي وموقفي ... بإيوان كسرى لا أوليهمُ ظهري
أكر عليهم معلما وتراهمُ ... كمعزى تحنى خشية الذئب بالصخر
وبيتهم في حصن كسرى بن هرمز ... بمشحوذة بيض وخطية سمر
فاجزيتهم طعنا وضربا تراهمُ ... يلوذون منا موهنا بذرا القصر
يلوذون متى رهبة ومخافة ... لواذا كما لاذ الحمائم من صقر
ثم إن عبيد الله بن الحر- فيما ذكر- لحق بعبد الملك بن مروان، فلما صار إليه وجهه في عشرة نفر نحو الكوفة، وأمره بالمسير نحوها حتى تلحقه الجنود، فسار بهم، فلما بلغ الأنبار وجه إلى الكوفة من يخبر أصحابه بقدومه، ويسألهم أن يخرجوا إليه، فبلغ ذلك القيسية، فأتوا الْحَارِث بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عامل ابن الزبير على الكوفة، فسألوه أن يبعث معهم جيشا، فوجه معهم، فلما لقوا عبيد الله قاتلهم ساعة، ثم غرقت فرسه، وركب معبرا فوثب عليه رجل من الأنباط فأخذ بعضديه وضربه الباقون بالمرادي، وصاحوا: إن هذا طلبة أمير المؤمنين، فاعتنقا فغرقا، ثم استخرجوه فجزوا رأسه، فبعثوا به إلى الكوفة ثم إلى البصرة.
قال أبو جعفر: وقد قيل في مقتله غير ذلك من القول، قيل: كان سبب مقتل عبيد الله ابن الحر أنه كان يغشى بالكوفة مصعبا، فرآه يقدم عليه أهل البصرة، فكتب إلى عبد الله بن الزبير- فيما ذكر- قصيدة يعاتب بها مصعبا ويخوفه مسيره إلى عبد الملك بن مروان، يقول فيها: