للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن حديثا، بل كان قديما في أنفس أوليكم على أولينا في الجاهلية.

فأقطع بأمية بن عمرو- وكان أكبرهم- فلم يقدر أن يتكلم، وكان أنبلهم وأعقلهم، فقام سعيد بن عمرو وكان الأوسط فقال: يا أمير المؤمنين، ما تنعي علينا أمرا كان في الجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام فهدم ذلك، فوعدنا جنة، وحذرنا نارا! وأما الذي كان بينك وبين عمرو فان عمرا ابن عملك، وأنت أعلم وما صنعت، وقد وصل عمرو الى الله، وكفى بالله حسيبا، ولعمري لئن أخذتنا بما كان بينك وبينه لبطن الأرض خير لنا من ظهرها فرق لهم عبد الملك رقة شديدة، وقال: إن أباكم خيرني بين أن يقتلني أو أقتله، فاخترت قتله على قتلي، وأما أنتم فما أرغبني فيكم، وأوصلني لقرابتكم، وأرعاني لحقكم! فأحسن جائزتهم، ووصلهم وقربهم.

وذكر أن خالد بن يزيد بن معاوية قال لعبد الملك ذات يوم: عجب منك ومن عمرو بن سعيد، كيف أصبت غرته فقتلته! فقال عبد الملك:

دانيته مني ليسكن روعه ... فأصول صولة حازم مستمكن

غضبا ومحمية لديني أنه ... ليس المسيء سبيله كالمحسن

قال عوانة: لقي رجل سعيد بن عمرو بن سعيد بمكة، فقال له: ورب هذه البنية، ما كان في القوم مثل أبيك، ولكنه نازع القوم ما في أيديهم فعطب.

وكان الواقدي يقول: إنما كان في سنة تسع وستين بين عبد الملك ابن مروان وعمرو بن سعيد الحصار، وذلك أن عمرو بن سعيد تحصن بدمشق فرجع عبد الملك إليه من بطنان حبيب، فحاصره فيها، وأما قتله إياه فإنه كان في سنة سبعين.

وفي هذه السنة حكم محكم من الخوارج بالخيف من منى فقتل عند الجمرة، ذكر محمد بن عمر أن يحيى بن سعيد بن دينار حدثه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>