القوم في منزل، فلما طلعت الشمس تهايج العسكران، فجعلت أسمع وقع السيوف، فلما ارتفع النهار خفيت الأصوات، فقلت: هذا لارتفاع النهار، فلما صليت الظهر- أو قبل الظهر- خرجت، فتلقاني رجل من بني تميم، فقلت: ما الخبر؟ قال: قتلت عدو الله ابن خازم وها هو ذا، وإذا هو محمول على بغل، وقد شدوا في مذاكيره حبلا وحجرا وعدلوه به على البغل.
قال: وكان الذي قتله وكيع بن عميرة القريعي وهو ابن الدورقية.
اعتور عليه بحير بن ورقاء وعمار بن عبد العزيز الجشمي ووكيع، فطعنوه فصرعوه، فقعد وكيع على صدره فقتله، فقال بعض الولاة لوكيع:
كيف قتلت ابن خازم؟ قال: غلبته بفضل القنا، فلما صرع قعدت على صدره، فحاول القيام فلم يقدر عليه، وقلت: يا لثأرات دويلة! ودويلة أخ لوكيع لأمه، قتل قبل ذلك في غير تلك الأيام.
قال وكيع: فتنخم في وجهي وقال: لعنك الله! تقتل كبش مضر، بأخيك علج لا يساوي كفا من نوى- أو قال: من تراب- فما رأيت أحدا أكثر ريقا منه على تلك الحال عند الموت.
قال: فذكر ابن هبيرة يوما هذا الحديث فقال: هذه والله البسالة.
قال: وبعث بحير ساعة قتل ابن خازم رجلا من بني غدانة إلى عبد الملك ابن مروان يخبره بقتل ابن خازم، ولم يبعث بالرأس، وأقبل بكير بن وشاح في أهل مرو فوافاهم حين قتل ابن خازم، فأراد أخذ رأس ابن خازم، فمنعه بحير، فضربه بكير بعمود، وأخذ الرأس وقيد بحيرا وحبسه، وبعث بكير بالرأس إلى عبد الملك، وكتب إليه يخبره أنه هو الذي قتله، فلما قدم بالرأس على عبد الملك دعا الغداني رسول بحير وقال: ما هذا؟ قال: لا أدري، وما فارقت القوم حتى قتل، فقال رجل من بني سليم: