للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الله، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمد ظلم مسلم ولا معاهد، ولم يبلغني ظلم عن عمالي فرضيت به بل أنكرته، ولم يكن شيء آثر عندي من رضا ربي اللهم إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي، أنت أعلم بي، ولكن أقوله تعزية لأمي لتسلو عني فقالت أمه: إني لأرجو من الله أن يكون عزائي فيك حسنا إن تقدمتني، وإن تقدمتك ففي نفسي، أخرج حتى أنظر إلى ما يصير أمرك قال: جزاك الله يا أمه خيرا، فلا تدعي الدعاء لي قبل وبعد فقالت: لا أدعه أبدا، فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك النحيب والظمأ في هواجر المدينة ومكة، وبره بأبيه وبي اللهم قد سلمته لأمرك فيه، ورضيت بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.

قال مصعب بن ثابت: فما مكثت بعده إلا عشرا، ويقال: خمسة أيام.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يعقوب بن عبد الله، عن عمه قال: دخل ابن الزبير على أمه وعليه الدرع والمغفر، فوقف فسلم، ثم دنا فتناول يدها فقبلها فقالت: هذا وداع فلا تبعد، قال ابن الزبير:

جئت مودعا، إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي، واعلمي يا أمه أني إن قتلت فإنما أنا لحم لا يضرني ما صنع بي، قالت: صدقت يا بني، أتمم على بصيرتك، ولا تمكن ابن أبي عقيل منك، وادن مني أودعك، فدنا منها فقبلها وعانقها، وقالت حيث مست الدرع: ما هذا صنيع من يريد ما تريد! قال: ما لبست هذا الدرع إلا لأشد منك، قالت العجوز: فإنه لا يشد مني، فنزعها ثم أدرج كميه، وشد أسفل قميصه، وجبة خز تحت القميص فأدخل أسفلها في المنطقة، وأمه تقول:

البس ثيابك مثمره ثم انصرف ابن الزبير وهو يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>