عبد الملك بن مروان: أن خراسان لا تصلح بعد الفتنة إلا على رجل من قريش لا يحسدونه ولا يتعصبون عليه، فقال عبد الملك: خراسان ثغر المشرق، وقد كان به من الشر ما كان، وعليه هذا التميمي، وقد تعصب الناس وخافوا أن يصيروا إلى ما كانوا عليه، فيهلك الثغر ومن فيه، وقد سألوا أن أولي أمرهم رجلا من قريش فيسمعوا له ويطيعوا، فقال أمية بن عبد الله: يا أمير المؤمنين، تداركهم برجل منك، قال: لولا انحيازك عن أبي فديك كنت ذلك الرجل قال: يا أمير المؤمنين، والله ما انحزت حتى لم أجد مقاتلا، وخذلني الناس، فرأيت أن انحيازي إلى فئة أفضل من تعريضي عصبة بقيت من المسلمين للهلكة، وقد علم ذلك مرار بن عبد الرحمن بن أبي بكرة، وكتب إليك خالد بن عبد الله بما بلغه من عذري- قال: وكان خالد كتب إليه بعذره، ويخبره أن الناس قد خذلوه- فقال مرار:
صدق أمية يا أمير المؤمنين، لقد صبر حتى لم يجد مقاتلا، وخذله الناس.
فولاه خراسان، وكان عبد الملك يحب أمية، ويقول: نتيجتي، أي لدتي، فقال الناس: ما رأينا أحدا عوض من هزيمة ما عوض أمية، فر من أبي فديك فاستعمل على خراسان، فقال رجل من بكر بن وائل في محبس بكير بن وشاح:
أتتك العيس تنفخ في براها ... تكشف عن مناكبها القطوع
كأن مواقع الأكوار منها ... حمام كنائس بقع وقوع
بأبيض من أمية مضرحي ... كأن جبينه سيف صنيع
وبحير يومئذ بالسنج يسأل عن مسير أمية، فلما بلغه انه قد قارب ابرشهر قال الرجل من عجم أهل مرو يقال له رزين- أو زرير: دلني