يجول في جوخى وسورة في طلبه، فجاء شبيب حتى انتهى إلى المدائن، فتحصن منه أهل المدائن وتحرزوا، ووهى أبنية المدائن الأولى، فدخل المدائن، فأصاب بها دواب جند كثيرة، فقتل من ظهر له ولم يدخلوا البيوت، فأتي فقيل له: هذا سورة بن أبجر قد أقبل إليك، فخرج في أصحابه حتى انتهى إلى النهروان، فنزلوا به وتوضئوا وصلوا، ثم أتوا مصارع إخوانهم الذين قتلهم علي بن ابى طالب ع، فاستغفروا لإخوانهم، وتبرءوا من علي وأصحابه، وبكوا فأطالوا البكاء، ثم خرجوا فقطعوا جسر النهروان، فنزلوا من جانبه الشرقي، وجاء سورة حتى نزل بقطراثا، وجاءته عيونه فأخبرته بمنزل شبيب بالنهروان، فدعا رءوس أصحابه فقال: إنهم قلما يلقون مصحرين أو على ظهر إلا انتصفوا منكم، وظهروا عليكم، وقد حدثت أنهم لا يزيدون على مائه رجل الا قليلا، وقد رايت ان انتخبكم فاسير في ثلاثمائة رجل منكم من أقويائكم وشجعانكم فآتيهم الآن إذ هم آمنون لبياتكم، فو الله إني لأرجو أن يصرعهم الله مصارع إخوانهم الذين صرعوا منهم بالنهروان من قبل فقالوا: اصنع ما أحببت فاستعمل على عسكره حازم بن قدامه الخثعمى، وانتخب من اصحابه ثلاثمائه رجل من أهل القوة والجلد والشجاعة، ثم أقبل بهم نحو النهروان، وبات شبيب وقد أذكى الحرس، فلما دنا أصحاب سورة منهم نذروا بهم، فاستووا على خيولهم وتعبوا تعبيتهم.
فلما انتهى إليهم سورة وأصحابه أصابوهم قد حذروا واستعدوا، فحمل عليهم سورة وأصحابه فثبتوا لهم، وضاربوهم حتى صد عنهم سورة وأصحابه، ثم صاح شبيب بأصحابه، فحمل عليهم حتى تركوا له العرصة، وحملوا عليهم معه، وجعل شبيب يضرب ويقول:
من ينك العير ينك نيّاكا ... جندلتان اصطكتا اصطكاكا
فرجع سورة إلى عسكره وقد هزم الفرسان وأهل القوة، فتحمل بهم حتى أقبل بهم نحو المدائن، فدفع إليهم وقد تحمل وتعدى الطريق الذي