كل امرئ منكم على الجانب الذي يحمل عليه، ولا تقلعوا عنهم، تحملون وتكرون عليهم، وتصيحون بهم حتى يأتيكم أمري فلم نزل على تلك التعبئة، وكنت أنا في الأربعين الذين كانوا معه، حتى إذا قضمت دوابنا- وذلك أول الليل أول ما هدأت العيون- خرجنا حتى انتهينا الى دير الخراره، فإذا للقوم مسلحة، عليهم عياض بن أبي لينة، فما هو إلا أن انتهينا إليهم، فحمل عليهم مصاد أخو شبيب في أربعين رجلا، وكان أمام شبيب، وقد كان أراد أن يسبق شبيبا حتى يرتفع عليهم ويأتيهم من ورائهم كما أمره، فلما لقي هؤلاء قاتلهم فصبروا ساعة، وقاتلوهم ثم إنا دفعنا إليهم جميعا، فحملنا عليهم فهزمناهم، وأخذوا الطريق الأعظم، وليس بينهم وبين عسكرهم بدير يزدجرد إلا قريب من ميل.
فقال لنا شبيب: اركبوا معاشر المسلمين أكتافهم حتى تدخلوا معهم عسكرهم إن استطعتم، فأتبعناهم والله ملظين بهم، ملحين عليهم، ما نرفه عنهم وهم منهزمون، ما لهم همة إلا عسكرهم، فانتهوا إلى عسكرهم، ومنعهم أصحابهم أن يدخلوا عليهم، ورشقونا بالنبل، وكانت عيون لهم قد أتتهم فأخبرتهم بمكاننا، وكان الجزل قد خندق عليه، وتحرز ووضع هذه المسلحة الذين لقيناهم بدير الخرارة، ووضع مسلحة أخرى مما يلي حلوان على الطريق، فلما أن دفعنا إلى هذه المسلحة التي كانت بدير الخرارة فألحقناهم بعسكر جماعتهم ورجعت المسالح الأخر حتى اجتمعت، ومنعها أهل العسكر دخول العسكر وقالوا لهم: قاتلوا، وانضحوا عنكم بالنبل قال أبو مخنف: وحدثني جرير بن الحسين الكندي، قال: كان على المسلحتين الأخريين عاصم بن حجر على التي تلي حلوان، وواصل ابن الحارث السكوني على الأخرى فلما أن اجتمعت المسالح جعل شبيب يحمل عليها حتى اضطرها إلى الخندق، ورشقهم أهل العسكر بالنبل حتى ردوهم عنهم فلما رأى شبيب أنه لا يصل إليهم قال لأصحابه سيروا ودعوهم، فمضى على الطريق نحو حلوان حتى إذا كان قريبا